للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَائِمٌ فِي يَدِهِ كَانَ النَّظَرُ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِيهِ وَيُجِيزُهُ، وَهَذَا كَالصَّبِيِّ يَبِيعُ وَيَعْلَمُ بِهِ الْوَصِيُّ، ثُمَّ يُنْزَعُ الثَّمَنُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَحِقِّ لِلْحَجْرِ حَتَّى يَظْهَرَ رُشْدُهُ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ رَغْبَةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعَ رَغْبَةٍ بِأَنْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ بَلْ يُبْطِلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَقَدْ بَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ وَاسْتُرِدَّ مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَكَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا، فَأَمَّا إذَا قَبَضَ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَرُدُّ عَلَيْهِ هَذَا الْعَقْدَ وَلَا يُمْضِيهِ ثُمَّ لَا يُضَمِّنُ الْمَحْجُورَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُورُ اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ اسْتَهْلَكَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِأَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعْطِي الدَّافِعَ مِثْلَهُ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِ الْمِثْلَ مِنْ مَالِهِ.

وَإِنْ كَانَ بَيْعَ رَغْبَةٍ فَإِنَّهُ يُجِيزُ هَذَا الْبَيْعَ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِأَنْ صَرَفَهُ إلَى وُجُوهِ الْفَسَادِ لَا شَكَّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعَ رَغْبَةٍ أَوْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ، ثُمَّ إنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْمَحْجُورُ مِثْلَهُ لِلْمُشْتَرِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ صَالِحًا ثُمَّ فَسَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَقَدْ كَانَ إنْسَانٌ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا فَاخْتَلَفَ الْمَحْجُورُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ فِي حَالِ صَلَاحِكَ، وَقَالَ الْمَحْجُورُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي فِي حَالِ الْحَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي الصِّحَّةَ، وَلَوْ أَطْلَقَ عَنْهُ الْقَاضِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ بَعْدَمَا أَطْلَقَ عَنْكَ، وَقَالَ الْمَحْجُورُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي فِي حَالِ الْحَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ أَنَّ غُلَامًا أَدْرَكَ مَدْرَكَ الرِّجَالِ وَهُوَ مُصْلِحٌ لِمَالِهِ فَدَفَعَ مَالَهُ إلَيْهِ وَصِيُّهُ أَوْ الْقَاضِي فَبَاعَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا حَتَّى صَارَ فَاسِدًا حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْحَجْرَ، فَدَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ الْمَالَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَبْرَأُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَهُوَ مُصْلِحٌ فَبَاعَهُ ثُمَّ صَارَ الْبَائِعُ مُفْسِدًا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْرَأْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُوَصِّلَهُ الْقَابِضُ إلَى الْآمِر، فَإِنْ أَوْصَلَهُ بَرِئَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُوَصَّلُ إلَى الْآمِرِ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَرَفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْرَأْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ أَمَرَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَالْمَأْمُورُ مُفْسِدٌ غَيْرُ مُصْلِحٍ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَالْآمِرُ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ بِفَسَادِهِ جَازَ بَيْعُهُ وَقَبْضُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَيَشْتَرِيَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى جَازَ وَكَانَ إذْنُ الْقَاضِي إخْرَاجًا لَهُ مِنْ الْحَجْرِ، وَلَكِنْ إذَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا إخْرَاجًا لَهُ مِنْ الْحَجْرِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الْبُرِّ خَاصَّةً كَانَ هَذَا إطْلَاقًا لَهُ مِنْ الْحَجْرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِذَا أَدْرَكَ الْيَتِيمُ مُفْسِدًا فَحَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَسَأَلَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْدَعَهُ الْمَالَ إيدَاعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِي أَمَرَ غُلَامًا قَدْ بَلَغَ مُفْسِدًا غَيْرَ مُصْلِحٍ وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ مَالَهُ وَيَشْتَرِي بِهِ صَحَّ إذْنُهُ، حَتَّى لَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَقَبَضَ الثَّمَنَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِلَا خِلَافٍ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَإِنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ، فَإِنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَجُزْ، وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ جَازَ وَسَعَى الْغُلَامُ فِي قِيمَتِهِ كَمَا قَبْلَ الْإِذْنِ، وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ، وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَلَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ تَدْبِيرُهُ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ جَاءَتْ جَارِيَتُهُ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَكَانَ وَلَدُهُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ، وَالْأُمُّ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>