للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْعَ كَانَ الثَّمَنُ لَهُمْ، وَبَرِئَ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْبَائِعِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْغُرَمَاءِ، وَبَرِئَ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ أَتْبَعُوهُ بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ أَجَازُوا الْبَيْعَ بَعْدَمَا هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْغُرَمَاءِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ ضَمَانَ الْقِيمَةِ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الثَّمَنَ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ هَذَا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَيَكُونَ لِلَّذِينَ اخْتَارُوا الْقِيمَةَ حِصَّتُهُمْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلِلَّذِينَ اخْتَارُوا الثَّمَنَ حِصَّتُهُمْ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً، وَاخْتَارَ أَحَدُهُمْ ضَمَانَ الْقِيمَةِ لَهُ رُبُعُ الْقِيمَةِ لَا غَيْرَ، وَاَلَّذِينَ اخْتَارُوا الثَّمَنَ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ، وَالْبَاقِي لِلْمَوْلَى، وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ حَاضِرَيْنِ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ، وَأَبْطَلَهُ بَعْضُهُمْ كَانَ الْإِبْطَالُ أَوْلَى، وَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدَرُوا عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعَبْدِ فَلَهُمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ الْعَبْدِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَهُ، وَإِنْ اخْتَارُوا تَضْمِينَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ جَازَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَأَيُّهُمَا اخْتَارَ الْغُرَمَاءُ ضَمَانَهُ بَرِئَ الْآخَرُ بَرَاءَةً مُؤَبَّدَةً بِحَيْثُ لَا يَعُودُ الضَّمَانُ إلَيْهِ أَبَدًا كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ فَأَرَادُوا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَبْدَ، وَيَرُدُّوا الْقِيمَةَ عَلَى مَنْ أَخَذُوا مِنْهُ الْقِيمَةَ يُنْظَرُ إنْ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ أَنْفُسِهِمْ بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا، وَأَنْكَرَ الَّذِي اخْتَارَ الْغُرَمَاءُ تَضْمِينَهُ فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَوْا مِنْ الْقِيمَةِ، وَاسْتَحْلَفُوهُ، وَنَكَلَ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ أَخَذُوا الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الضَّامِنِ بِأَنْ ادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّ قِيمَتَهُ كَذَا دُونَ مَا ادَّعَى الْغُرَمَاءُ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ بَيِّنَةٌ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَبْدَ ثُمَّ إذَا اخْتَارُوا أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَوْلَى، وَأَخَذُوا الْقِيمَةَ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ.

وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالْعَبْدِ وَرَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَالْمَوْلَى هَلْ يَرُدُّ الْعَبْدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِهَذَا الْعَيْبِ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَقْتَ بَيْعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي هَذَا الْوَجْه إنْ كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ رَدَّهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ رَدَّهُ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِالْعَبْدِ قَبْلَ شِرَاءِ هَذَا الْمُشْتَرِي أَوْ يَسْتَحْلِفُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَيَنْكُلُوا، الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْبَيْعِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا الْوَجْهُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مَعِيبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ يَحْدُثُ إلَّا أَنَّهُ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ حِينَ أَرَادُوا أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَوْلَى.

قَالَ: إنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَعِيبٌ بِعَيْبٍ كَانَ بِهِ وَقْتَ بَيْعِي إيَّاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَصَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَضَمَّنُوهُ قِيمَتَهُ مَعِيبًا أَوْ كَذَّبُوهُ وَقَالُوا: لَا بَلْ كَانَ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَقْتَ بَيْعِك إيَّاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا حَدَثَ الْعَيْبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَنَا حَقُّ تَضْمِينِك قِيمَتَهُ صَحِيحًا فَضَمَّنُوهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا، وَالْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ الْغُرَمَاءُ أَخَذُوا الْقِيمَةَ مِنْ الْمَوْلَى وَظَهَرَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالْعَبْدِ فَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى حَتَّى تَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ آخَرَ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْمَوْلَى بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ذَكَرُ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا قَالُوا هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ قَالُوا: وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي بَعْضِ نُسِخَ هَذَا الْكِتَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الْمَأْذُونِ، وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ هَلْ يَنْفُذُ عِتْقُهُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَأْذُونِ مُسْتَغْرِقًا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>