للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَإِنْ غَصَبَ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُ مَالِكِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَأْخُذَهَا وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنْهُ وَلَا يُعْطِيهِ بِعَمَلِهِ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا سَبِيلَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْفِضَّةِ الَّتِي غَصَبَهَا وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ وَلَوْ غَصَبَ فِضَّةً فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ ذَهَبًا فَصَاغَهُ حُلِيًّا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَا يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ شَيْئًا لِأَجْلِ الصِّيَاغَةِ إلَّا إذَا جَعَلَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ مَالِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِي نَزْعِهِ مَضَرَّةٌ كَمَا إذَا جَعَلَهُ عُرْوَةً مُزَادَةً أَوْ صَفَائِحَ فِي سَقْفٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَنْقَطِعُ يَدُ صَاحِبِهَا عَنْهَا وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ مِثْلَهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَأَمَّا إذَا سَبَكَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ وَلَمْ يَصُغْهُمَا وَلَمْ يَضْرِبْهُمَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بَلْ جَعَلَهُمَا صَفَائِحَ مُطَوَّلَةٍ أَوْ مُدَوَّرَةٍ أَوْ مُرَبَّعَةٍ لَمْ تَنْقَطِعْ يَدُ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَإِنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَسَبَكَهَا وَلَمْ يَضْرِبْ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ غَصَبَ فُلُوسًا فَصَاغَ مِنْهَا إنَاءً ضَمِنَ الْفُلُوسَ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ كَوْنِهَا ثَمَنًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

لَوْ غَصَبَ صُفْرًا وَجَعَلَهُ كُوزًا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَكَانَ الْكَرْخِيُّ يَقُولُ: هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الصَّنْعَةِ لَا يُبَاعُ وَزْنًا أَمَّا إذَا كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقَطِعَ حَقُّ الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي النُّقْرَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْجَوَابَ مُطْلَقٌ بِخِلَافِ النُّقْرَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَسَرَ صَاحِبُ الصُّفْرِ الْكُوزَ بَعْدَمَا ضَمِنَ لَهُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ صُفْرِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالْقِيمَةِ قَالَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْكُوزِ صَحِيحًا، وَيَأْخُذُ الْكُوزَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إلَّا أَنْ يُحَاسِبَهُ بِمَا عَلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: مُرَادُهُ مِنْ هَذَا إذَا اصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ اسْتِبْدَالًا فَيَجُوزُ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يُجَوِّزُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ صُفْرًا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ حَتَّى وَجَبَتْ قِيمَةُ الصُّفْرِ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَكَبِرَ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ جَرِيحًا أَوْ مَرِيضًا فَدَاوَاهُ حَتَّى بَرِئَ وَصَحَّ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخْلٌ فَسَقَاهُ أَوْ كَانَ نَخْلًا فَأَبَّرَهُ وَلَقَّحَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا أَنْفَقَ وَلَوْ حَصَدَ الزَّرْعَ أَوْ جَدَّ الثَّمَرَةَ وَاسْتَهْلَكَ كَانَ ضَامِنًا لِذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ.

وَلَوْ غَصَبَ خُوصًا فَجَعَلَهُ زِنْبِيلًا فَلَا سَبِيلَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَلَوْ غَصَبَ نَخْلًا فَشَقَّقَهُ جُذُوعًا كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْجُذُوعَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَزُلْ وَإِنَّمَا تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ فَصَارَ كَالثَّوْبِ إذَا قَطَّعَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

غَصَبَ مِنْ آخَرَ مُصْحَفًا وَنَقَّطَهُ فَهُوَ زِيَادَةٌ وَصَاحِبُ الْمُصْحَفِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوطٍ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَرَجُلٍ غَصَبَ غُلَامًا وَعَلَّمَهُ الْكِتَابَةَ غَصَبَ مِنْ آخَرَ كَاغِدَةً وَكَتَبَ عَلَيْهَا، ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ كَتَّانًا فَغَزَلَهُ وَنَسَجَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

غَصَبَ مِنْ آخَرَ قُطْنًا وَغَزَلَهُ وَنَسَجَهُ أَوْ غَصَبَ غَزْلًا وَنَسَجَهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَوْ غَصَبَ قُطْنًا وَغَزَلَهُ وَلَمْ يَنْسِجْهُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا طَحَنَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَالدَّقِيقُ لَهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

غَصَبَ دَقِيقًا وَخَبَزَهُ أَوْ لَحْمًا فَشَوَاهُ أَوْ سِمْسِمًا فَعَصَرَهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ سَاجَةً فَجَعَلَهَا بَابًا أَوْ حَدِيدَةً فَجَعَلَهَا سَيْفًا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَدِيدَةِ وَالسَّاجَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ غَصَبَ سَاجَةً أَوْ خَشَبَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ آجُرًّا فَأَدْخَلَهُ فِي بِنَائِهِ أَوْ جِصًّا فَبَنَى بِهِ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ قِيمَتُهُ عِنْدَنَا وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ بِنَائِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ غَصَبَ سَاجَةً وَبَنَى فِيهَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَكَانَ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>