للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذَهَا وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَحْكِي عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ تَفْصِيلًا فَقَالَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السَّاجَةَ وَقَالَ الْمُرَادُ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مَا قُلْنَا وَرَغْمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ مَشَايِخُنَا وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ مَسَائِلَ حُفِظَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ لُؤْلُؤَةٌ فَسَقَطَتْ اللُّؤْلُؤَةُ فَابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةُ إنْسَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الدَّجَاجَةِ وَاللُّؤْلُؤَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ أَقَلَّ يُخَيَّرُ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدَّجَاجَةَ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْمَالِكِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَضَمِنَ صَاحِبُ الدَّجَاجَةِ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا فَصِيلًا فَكَبِرَ الْفَصِيلُ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ حَتَّى لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَّا بِنَقْضِ الْجِدَارِ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ وَلَمْ يَذْكُرُ فِي الْأَصْلِ مَا إذَا أَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَنْقُضَ الْبِنَاءَ وَيَرُدُّ السَّاجَةَ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؟ وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَحِلُّ لَهُ نَقْضُ الْبِنَاءِ وَإِذَا نَقَضَ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّ السَّاجَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَحِلُّ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ غَصَبَ النَّجَّارُ خَشَبَةً وَأَدْرَجَهَا فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يَمْلِكْ النَّجَّارُ وَلَا رَبُّ الدَّارِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَلَوْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْخَلَهُ فِي السَّفِينَةِ أَوْ إبْرَيْسَمًا وَخَاطَ بِهِ بَطْنَ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى قِيلَ لَهُ: اقْلَعْ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَرُدَّهَا وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِقَلْعِ ذَلِكَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ لَهُ، وَمَعْنَاهُ قِيمَةُ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ يَوْمَ يَقْلَعُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِدُونِ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ وَتُقَوَّمُ وَبِهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ أَمَرَ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي.

رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي أَرْضِ الْغَصْبِ مِنْ تُرَابِ هَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَا سَبِيلَ لِلْبَانِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ تَصِيرُ تُرَابًا كَمَا كَانَ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَعَنْ غَيْرِهِمَا رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي كَرْمِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْكَرْمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ وَيَكُونُ الْبَانِي مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِلْبَانِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْكُبْرَى.

غَصَبَ مِنْ آخَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً أَوْ زَرَعَ فِيهَا زَرْعًا فَقَلَعَ صَاحِبُهَا الزَّرْعَ وَهَدَمَ الْبِنَاءَ لَا يَضْمَنُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْسِرَ خَشَبَ الْغَاصِبِ وَلَا آجُرَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

رَجُلٌ كَسَرَ عَصًا لِرَجُلٍ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فَاحِشًا بِأَنْ صَارَ حَطَبًا أَوْ وَتَدًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْفَعَةَ الْعَصَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

مَا يَغْصِبُهُ الْأَتْرَاكُ مِنْ الْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ وَسَائِرِ الْخَشَبِ وَيَكْسِرُونَهَا كَسْرًا مُتَفَاحِشًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَإِنْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهَا بِالْكَسْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَلَوْ غَصَبَ دَارًا فَجَصَّصَهَا قِيلَ لِصَاحِبِهَا أَعْطِهِ مَا زَادَ التَّجْصِيصُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبُ جِصَّهُ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ نَقَشَهَا بِالْأَصْبَاغِ فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَأَعْطَى الْغَاصِبَ قِيمَةَ مَا زَادَ الْأَصْبَاغُ فِيهَا وَإِنْ أَبَى جُعِلَتْ الدَّارُ لِلْغَاصِبِ بِقِيمَتِهَا إذَا كَانَ يَبْلُغُ الْأَصْبَاغُ شَيْئًا كَثِيرًا وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَبَى صَاحِبُ الدَّارِ عَنْ إعْطَاءِ قِيمَةِ مَا زَادَ الْأَصْبَاغُ فِيهَا أَمَرْتُهُ بِقَلْعِهِ وَأُضَمِّنُهُ مَا نَقَصَ الْقَلْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَشَ الْبَابَ الْمَغْصُوبَ بِالْأَصْبَاغِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ كَانَ نَقْش الْبَابِ بِالنَّقْرِ وَلَيْسَ بِالْأَصْبَاغِ قَالَ فَهَذَا مُسْتَهْلِكٌ لِلْبَابِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَالْبَابُ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَشَ إنَاءَ فِضَّةٍ بِالنَّقْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

مُشْتَرِي الدَّارِ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا هَدَمَهَا وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ قَلِيلًا يَتَيَسَّرُ رَفْعُهُ يُرْفَعُ وَيُرَدُّ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَتَعَذَّرُ رَفْعُهُ وَيَمْتَدُّ الزَّمَانُ فِي رَفْعِهِ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ لَا يَرْفَعُهُ بَلْ يَتْرُكُهُ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْأَرْضِ مَعَ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا قَوْلُهُمْ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ.

مُسْلِمٌ غَصَبَ خَمْرَ مُسْلِمٍ وَخَلَّلَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ لِرَبِّ الْخَمْرِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا خَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ بِأَنْ نَقَلَ مِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>