للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجَارَةِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَلَمْ يَحْبِسْهُ مِنْ الرَّاهِنِ هَلَكَ أَمَانَةً، وَلَا يَذْهَبُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ، وَلَوْ حَبَسَهُ عَنْ الرَّاهِنِ بَعْدَمَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ صَارَ غَاصِبًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

فَإِنْ رَكِبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّابَّةَ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ، أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ، أَوْ سَيْفًا فَتَقَلَّدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَكُونُ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَلَّدَ السَّيْفَ عَلَى سَيْفٍ أَوْ سَيْفَيْنِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ لَا مِنْ بَابِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِاعْتِبَارِ التَّعَدِّي، وَهُوَ فِي الِانْتِفَاعِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا، فَإِذَا نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ، وَنَزَعَ الثَّوْبَ وَكَفَّ عَنْ الْخِدْمَةِ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ هَلَكَ ذَهَبَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ هَلَكَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ بِإِذْنِهِ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَعَارَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، أَوْ أَعَارَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَلَكِنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى يَدِ نَفْسِهِ.

وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ رَاهِنًا كَانَ، أَوْ مُرْتَهِنًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَالْوَلَدُ رَهْنٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَبِيَدِ الْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنُ يُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ وَبِيَدِ الْوَدِيعَةِ لَا يُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ حَتَّى لَوْ أَوْدَعَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُصْحَفًا، أَوْ كِتَابًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَمَا دَامَ يَقْرَأُ فِيهِ كَانَ عَارِيَّةً، فَإِذَا فَرَغَ عَنْهَا عَادَ رَهْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

رَهَنَ مُصْحَفًا وَأَمَرَهُ بِقِرَاءَتِهِ مِنْهُ إنْ هَلَكَ حَالَ قِرَاءَتِهِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِهِ تَغَيَّرَ حُكْمُهُ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ هَلَكَ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَلَوْ لَبِسَ خَاتَمًا فَوْقَ خَاتَمٍ فَهَلَكَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَجَمَّلُ بِخَاتَمَيْنِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَتَجَمَّلُ بِهِ يَهْلَكُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ إيَّاهُ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ مَسَائِلِ الْخَاتَمِ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ.

وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ طَيْلَسَانًا أَوْ قَبَاءً فَلَبِسَهُ لُبْسًا مُعْتَادًا ضَمِنَ، وَإِنْ حَفِظَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَهَلَكَ يَهْلِكُ رَهْنًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتِعْمَالٌ وَالثَّانِي حِفْظٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

، وَلَوْ تَوَاضَعَا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُرْتَهِنُ بِالرَّهْنِ، وَيَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ دَارًا أَنْ يَأْذَنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ، وَيُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>