للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ إذْنًا مُسْتَقْبَلًا مَا لَمْ يَقْضِهِ هَذَا الرَّاهِنُ دَيْنَهُ، وَيَقْبَلْ الْمُرْتَهِنُ الْإِذْنَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا فَأَذِنَ لَهُ فِي زَرْعِهَا، أَوْ شَجَرًا، أَوْ كَرْمًا فَأَبَاحَ لَهُ ثِمَارَهَا، أَوْ بَهِيمَةً فَأَبَاحَ لَهُ شُرْبَ أَلْبَانِهَا فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا مُسْتَأْنَفًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

، وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا إمَّا الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِإِجَازَةٍ صَاحِبِهِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إجَازَةِ صَاحِبِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا فَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَهُ قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْبِضْ، فَإِنْ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ تَوَى بَعْدَمَا قَبَضَ مِنْهُ كَانَ التَّوَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْحَبْسِ فِي الثَّمَنِ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْحَبْسِ فِي الرَّهْنِ الَّذِي بِيعَ إلَى أَنْ يَحِلَّ دَيْنُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ الْقُدُورِيُّ وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَالثَّمَنُ رَهْنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْحَقِّ إلَى الثَّمَنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ لَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ رِوَايَةَ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ شَرَطَ فِي الْإِجَازَةِ أَنَّ الثَّمَنَ رَهْنٌ فَهُوَ رَهْنٌ وَإِلَّا، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الثَّمَنَ رَهْنٌ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ ثَوْبًا يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَانْتَقَصَ مِنْهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَانْتَقَصَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ، وَقِيمَتُهُ عِنْدَ الْهَلَاكِ عَشَرَةٌ قَالُوا: يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَيَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقِيمَةُ الثَّوْبِ يَوْمَ الرَّهْنِ عِشْرِينَ كَانَ نِصْفُ الثَّوْبِ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ وَنِصْفُهُ أَمَانَةً، فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ الثَّوْبِ بِلُبْسِهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ سَنَةً لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ لُبْسَ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَلُبْسِ الرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا انْتَقَصَ بِلُبْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ تَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهَا مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ، وَقِيمَتُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ عَشَرَةٌ نِصْفُهَا مَضْمُونٌ، وَنِصْفُهَا أَمَانَةٌ، فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>