للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يُلَازِمُهُ وَبَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي زَجْرًا ثُمَّ إذَا عُدِّلَتْ الشُّهُودُ وَشَهِدُوا بِقَتْلٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ، فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، وَلَمْ يُقْتَلْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ الْقَاتِلُ، فَإِذَا قَدِمَ الْأَخُ الْغَائِبُ كُلِّفَ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، أَوْ كَانَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُعِدْ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يُحْبَسُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَكَذَلِكَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قُتِلَ عَمْدًا، وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْكَافِي.

إذَا حَضَرَتْ الْوَرَثَةُ جَمِيعًا فَادَّعَوْا دَمَ أَبِيهِمْ عَلَى رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا بِالْقَتْلِ عَمْدًا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْحَاضِرِ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، وَيُقْتَلُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَائِبِ، وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ، فَإِذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْقَتْلَ يَحْتَاجُ الْوَرَثَةُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا بِالسَّيْفِ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ . لَا فِي الْعَمْدِ، وَلَا فِي الْخَطَأِ وَلَكِنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُبْطِلْ شَهَادَتَهُمْ، وَجَازَتْ إذَا كَانُوا عُدُولًا، وَإِذَا شَهِدَا أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا عَمْدٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ سَأَلَهُمَا أَتَعَمَّدَ ذَلِكَ؟ فَهُوَ أَوْثَقُ وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَنَّهُ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، أَوْ نُشَّابَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.

وَإِنْ قَالَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ خَطَأً تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قَالَا: لَا نَدْرِي قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ خَطَأً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فَهَذَا بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى الْقَتْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ الْمَكَانِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ زِيَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ، وَالْمَكَانَانِ مُتَقَارِبَانِ كَبَيْتٍ صَغِيرٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ مِنْ بَدَنِهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَالْآخَرُ شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ حَتَّى اخْتَلَفَتْ الْآلَةُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسِّكِّينِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْعَصَا لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسِّكِّينِ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: أُقِرُّ بِمَا قَالَا إلَّا أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ إلَّا طَعْنًا بِالرُّمْحِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، وَاقْتُصَّ مِنْ الْقَاتِلِ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالْعَصَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِذَا شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَلَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا رَجُلًا أَحَدُهُمَا بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ بِعَصًا، وَلَا يَدْرِيَانِ أَيُّهُمَا صَاحِبُ الْعَصَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ بِقَطْعِ أُصْبُعٍ، وَعَلَى آخَرَ بِقَطْعِ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْيَدِ، وَلَا يُمَيِّزَانِ قَاطِعَ هَذِهِ الْأُصْبُعِ مِنْ قَاطِعِ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِالْخَطَأِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا مِنْ الْمَفْصِلِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ الْمَفْصِلِ ثُمَّ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ وَالْوَلِيُّ يَدَّعِي ذَلِكَ كُلَّهُ عَمْدًا فَإِنِّي أَقْضِي عَلَى الْقَاتِلِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى الرَّجُلِ شَاهِدَانِ فَلَمْ يُزَكِّيَا وَلَوْ زَكَّى أَحَدُ شَاهِدَيْ الْيَدِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الرِّجْلِ لَمْ يُؤْخَذْ الْقَاتِلُ بِشَيْءٍ وَإِنْ زَكَّوْا جَمِيعًا قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، فَإِنْ طَلَبِ الْوَلِيُّ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي.

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ الْمَفْصِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا كَانَ لِوَارِثِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>