للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ يَقْتُلَهُ فَإِنْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي اُقْتُلْهُ، وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ فَذَلِكَ حَسَنٌ أَيْضًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ، وَلَا يَجْعَلُ لَهُ الْقِصَاصَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ كَانَ إحْدَى الْجِنَايَتَيْنِ خَطَأً، وَالْأُخْرَى عَمْدًا أُخِذَ بِهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى خَطَأً فَإِنَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيُقْتَلُ قِصَاصًا، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ خَطَأً فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي النَّفْسِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلِهِ خَطَأً وَحُكِمَ بِالدِّيَةِ فَجَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلِلْعَاقِلَةِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْوَلِيَّ، أَوْ الشُّهُودَ ثُمَّ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَقُتِلَ بِهِ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا تُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْوَلِيِّ الدِّيَةَ، أَوْ الشُّهُودِ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الشُّهُودَ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا فِي الْخَطَأِ كَذَا فِي الْكَافِي

وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْخَطَأِ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ، وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ جَاءَ الشَّاهِدَانِ الْأَصْلَانِ وَأَنْكَرَا الْإِشْهَادَ لَمْ يَصِحَّ إنْكَارُهُمَا فِي حَقِّ الْفَرْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ: قَدْ أَشْهَدْنَاهُمَا بِبَاطِلٍ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ أَنَّا كَاذِبُونَ قَالَ: لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَاقِلَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْأَصْلَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ شَجَّ وَلِيَّهُ مُوضِحَةً وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْمُوضِحَةِ وَالْبُرْءِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالسِّرَايَةِ، وَالْآخَرُ بِالْبُرْءِ تُقْبَلُ عَلَى الشَّجَّةِ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْبُرْءَ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ الَّتِي شَهِدَتْ بِالسِّرَايَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.

وَلَوْ كَانَتْ الشَّجَّةُ شَيْئًا دُونَ الْمُوضِحَةِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ إلَّا بِاتِّصَالِ السِّرَايَةِ بِهَا نَحْوُ السِّمْحَاقِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا وَلِيُّ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا كَمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّجَّةِ، وَقُضِيَ بِأَرْشِهَا فِي مَالِ الْجَانِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَبْدًا لِرَجُلٍ فَادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّ الشَّاجَّ شَجَّهُ مُوضِحَةً عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهَا، وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْقَوَدَ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا كَمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْهَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِأَرْشِ الشَّجَّةِ فِي مَالِ الْجَانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ قُتِلَ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى آخَرَ أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ وَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا وَأَقَامَ الِابْنُ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ نِصْفُ الدِّيَةُ فِي مَالِ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَمُوصًى لَهُ فَادَّعَى أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ فُلَانًا بِعَيْنِهِ، أَوْ رَجُلًا آخَرَ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَالْمُوصَى لَهُ إنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ يُقْضَى لِمُدَّعِي الْخَطَأِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيُقْضَى لِمُدَّعِي الْعَمْدِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَمْدَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ صَدَّقَ الْمُوصَى لَهُ مُدَّعِيَ الْعَمْدِ فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَثُلُثُ النِّصْفِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَا النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْمُوصَى لَهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُمَا، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي قُتِلَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>