يُقْضَى لَهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُوصَى لَهُ ابْنٌ ثَالِثٌ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الِابْنَ الثَّالِثَ إذَا صَدَّقَ مُدَّعِي الْعَمْدِ يُقْضَى لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُوصَى لَهُ كَانَ يُقْضَى لَهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُضِيَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلِلْآخَرِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لَوْ تَوَى مَالُ أَحَدِهِمَا، وَخَرَجَ مَالُ الْآخَرِ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي تَوَى حَقُّهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا خَرَجَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ أَقَامَ الْأَكْبَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَصْغَرِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَصْغَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَنَّهُ قَتَلَهُ قُضِيَ لِلْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَلِلْأَصْغَرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِالدِّيَةِ إنْ كَانَ خَطَأً وَبِالْقِصَاصِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ عَلَى أَخِيهِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَإِرْثُهُ لَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَأَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بَيِّنَةً عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ وَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهَاهُنَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَاتُ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عِنْدَهُمَا أَيْضًا.
وَلَوْ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُمْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَقَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَهُمَا وَبَقِيَتْ الْوِرَاثَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا إنْ كَانَ عَمْدًا، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ كَانَ خَطَأً، وَيُقْضَى لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ نِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ، وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَلَوْ أَقَامَ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَأَقَامَ زَيْدٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَلَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِعَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا فَبَعْدَ هَذَا الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَمَّا إنْ ادَّعَى عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ: هُمَا قَتَلَاهُ.
فَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ عَمْرٌو فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى عَلَى عَمْرٍو بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ زَيْدٍ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو وَيُقْضَى لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِ زَيْدٍ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ مَا وَجَبَ لِزَيْدٍ يُضَمُّ إلَى مَا وَجَبَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَيُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَمْرٍو بِالْقَوَدِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبُعِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَلَا شَيْءَ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى هَاهُنَا بِشَيْءٍ لَا بِالدِّيَةِ، وَلَا بِالْقِصَاصِ، وَكَانَ الْمِيرَاثُ أَثْلَاثًا، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ أَنْتُمَا قَتَلْتُمَا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَيُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ تَهَاتَرَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا يَدَّعِي فَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَأَخًا وَادَّعَى كُلٌّ عَلَى صَاحِبِهِ لَغَتْ بَيِّنَةُ الْأَخِ وَقُضِيَ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ، وَصَدَّقَ الْأَخُ أَحَدَهُمَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute