للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ فِي الْمَالِ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَإِنَّهُمَا يَقْسِمَانِهِ وَيَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ تَهَايَآهُ وَإِنْ أَحَبَّا اسْتَوْدَعَا رَجُلًا وَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ كُلُّهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا جَازَ.

وَإِنْ كَانَا وَصِيَّيْنِ لِلْيَتَامَى فَقَاسَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا إلَّا أَنَّ الْحَاضِرَ قَاسَمَ بِإِذْنِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا وَفَعَلَ الْحَاضِرُ بِإِذْنِ الْغَائِبِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، فَكَذَا الْقِسْمَةُ.

وَإِذَا أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ إلَى أَبِيهَا وَزَوْجِهَا بِوَصَايَا مِنْ عِتْقٍ وَصِلَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَتَرَكَتْ ضَيْعَةً وَثِيَابًا وَحُلِيًّا وَخَلَّفَتْ ابْنَيْنِ رَضِيعَيْنِ فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أُنَفِّذُ وَصِيَّتَهَا مِنْ خَالِصِ مَالِي وَلَا أَبِيعُ الثِّيَابَ وَالْحُلِيَّ، إنْ أَنْفَذَ الزَّوْجُ هَذِهِ الْوَصَايَا بِإِذْنِ الْوَصِيِّ الْآخَرِ وَهُوَ الْأَبُ فَمَا كَانَ مِنْ صِلَاتٍ وَوَصَايَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى شِرَاءِ شَيْءٍ وَقَدْ فَعَلَهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ لَمْ يَجُزْ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءٍ فَلَا تَجْرِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنْ أَحَبَّ الزَّوْجُ أَنْ يُبْقِيَ هَذِهِ الْأَعْيَانَ لِأَوْلَادِهِ وَأَنْ يُنْفِذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَهَبْ مِنْ الصِّغَارِ مَالًا ثُمَّ يَبِيعُ الْوَصِيَّانِ مِقْدَارَ الْوَصِيَّةِ مِنْ رَجُلٍ وَيَشْتَرِي الْأَبُ لِلصِّغَارِ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ يَنْفُذُ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى الْبَائِعِ وَيَقْبِضُهُ الْوَصِيَّانِ مِنْ ثَمَنِ الضَّيْعَةِ فَيُنَفِّذَانِ بِهِ الْوَصِيَّةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَصِيٌّ بَاعَ عَقَارًا لِيَقْضِيَ بِثَمَنِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَفِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي لِقَضَاءِ الدَّيْنِ جَازَ هَذَا الْبَيْعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصِيُّ الْأَبِ يُقَاسِمُ مَالَ الصَّغِيرِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَمْلِكُهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إنَّ مَنْ مَلَكَ بَيْعَ شَيْءٍ مَلَكَ قِسْمَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ وَيُمْسَكُ لِلصِّغَارِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَبِيرًا غَائِبًا.

وَلَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ وَفِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْوَرَثَةَ.

وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ فَأَعْطَاهُ الثُّلُثَ وَأَمْسَكَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لِلْوَرَثَةِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَاسَمَ عَلَيْهِ فِي الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ جَازَ هَذَا إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي النَّفَقَةِ أَوْ فِي حِفْظِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَمْ تَجُزْ قِسْمَتُهُ.

وَإِذَا قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَهُمْ صِغَارٌ فَدَفَعَ الثُّلُثَ إلَيْهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ صَحَّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَصِيِّ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ فَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَارِثِ الْكَبِيرِ بَاطِلَةٌ فِي الْعَقَارِ وَفِي الْمَنْقُولِ جَمِيعًا فَإِنْ هَلَكَ نَصِيبُ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ وَلَكِنْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ ثُلُثَيْ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ قَائِمًا فِي يَدِهِ وَإِنْ هَلَكَ مَا أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْوَصِيُّ حِصَّتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُوصَى لَهُ.

وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا وَهُمْ غُيَّبٌ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْوَرَثَةِ فَقِسْمَتُهُ فِي الْعَقَارِ بَاطِلَةٌ، وَذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خِلَافًا فَقَالَ: عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ، وَأَمَّا فِي الْمَنْقُولِ فَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَأَمَّا قِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَعَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةُ كِبَارٌ حُضُورٌ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ وَالْعَقَارُ الْمَنْقُولُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافًا، فَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ، وَعَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>