الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ حِنْطَةً وَتَصَدَّقَ بِهَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُعْطِي. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: آخُذُ فِي هَذَا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.
وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ فَدَفَعَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَى الْيَتِيمِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَمْرِ الْآخَرِ
وَلَوْ أَنَّ مَيِّتًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لَأَحَدِهِمَا قَبْضُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يُودِعَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ.
وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَبِالْإِعْتَاقِ فَأَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ وَبَعْدَ مَا اشْتَرَيَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُعْتِقَ
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَقَالَ لَهُمَا: ضَعَا ثُلُثَ مَالِي حَيْثُ شِئْتُمَا أَوْ لِمَنْ شِئْتُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَيَعُودُ الثُّلُثُ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ.
وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت ثُلُثَ مَالِي لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ لَهُمَا ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ: يَجْعَلُ الْقَاضِي وَصِيًّا آخَرَ وَإِنْ شَاءَ قَالَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا: اقْسِمْ أَنْتَ وَحْدَك. وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَدَّقَ وَحْدَهُ.
جِدَارٌ بَيْنَ دَارَيْ الصَّغِيرَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ يُخَافُ عَلَيْهِ السُّقُوطُ وَلِكُلِّ صَغِيرٍ وَصِيٌّ فَطَلَبَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ مَرَمَّةَ الْجِدَارِ وَأَبَى الْآخَرُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ: يَبْعَثُ الْقَاضِي أَمِينًا حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ إنْ عَلِمَ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا عَلَيْهِمَا أَجْبَرَ الْآبِيَ أَنْ يَبْنِيَ مَعَ صَاحِبِهِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَبْدًا بِكَذَا دِرْهَمًا وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى الْمَيِّتُ الْمُوصِي فَأَرَادَ الْوَصِيُّ الْآخَرُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا سَمَّى الْمُوصِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْمُوصِي فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ شِرَاءُ هَذَا الْوَصِيِّ مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعَبْدِ عَبْدَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَشْتَرِيَانِ جَمِيعًا لِلْمَيِّتِ، فَهَذَا أَصْوَبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَنْ يَضَعَ ثُلُثَ مَالِهِ حَيْثُ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهُ جَازَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَصَّ عَلَى الْوَضْعِ عِنْدَ نَفْسِهِ صَحَّ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطِ مَنْ شِئْت لَا يُعْطِي نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَخْذِ أَحَدٍ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْوَاحِدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِعِلْمِ فُلَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ وَلَوْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِعِلْمِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا.
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ، فَفِي الْأَوَّلِ الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ وَفِي الثَّانِي هُمَا وَصِيَّانِ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: إنْ قَالَ: اعْمَلْ فِيهِ بِأَمْرِ فُلَانٍ فَهُوَ الْوَصِيُّ خَاصَّةً، وَإِنْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِأَمْرِ فُلَانٍ فَهُمَا وَصِيَّانِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى وَارِثِهِ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ آخَرَ إنْ قَالَ هَذَا الْوَارِثُ الَّذِي أُوصِي إلَيْهِ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي مَالِي وَفِي مَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَنَا وَصِيُّهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَارِثَ الَّذِي هُوَ وَصِيٌّ قَالَ لِلثَّانِي: أَوْصَيْت إلَيْك وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا كَانَ الثَّانِي وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَنَا، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْوَارِثُ لِلثَّانِي: أَوْصَيْت إلَيْك فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ صَاحِبَاهُ: هُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي خَاصَّةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الرَّجُلُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا آخَرَ أَوْصَى إلَى الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي الثَّانِي صَارَ الْمُوصِي الْأَوَّلُ وَصِيًّا ثُمَّ إذَا مَاتَ الْمُوصِي الْأَوَّلُ وَلَمْ يُوصِ بِالْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ فَوَصِيُّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
خَاطَبَ جَمَاعَةً فَقَالَ لَهُمْ: افْعَلُوا كَذَا بَعْدَ مَوْتِي إنْ قَبِلُوا يَصِيرُ كُلُّهُمْ أَوْصِيَاءَ وَإِنْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ قِبَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ صَارَا وَصِيَّيْنِ أَوْ أَوْصِيَاءَ وَيَجُوزُ لَهُمَا وَلَهُمْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا صَارَ وَصِيًّا أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ مَا لَمْ يَرْجِعْ أَمْرُهُ إلَى الْحَاكِمِ فَيُقِيمُ مَعَهُ آخَرَ وَيُطْلِقُ لَهُ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُشْرِفًا عَلَيْهِ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا، وَأَثَرُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ