الْقَابِلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ.
وَالثَّالِثَةُ - إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَفَسَقَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَطْلَقَ التَّصَرُّفَ لِلثَّانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ وَاسْتَبْدَلَ الْفَاسِقَ ثُمَّ الْعَدْلُ لَا يَتَصَرَّفُ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مَاتَ رَجُلٌ فِي سَفَرٍ مَعَ قَوْمٍ قَالَ: اُسْتُحْسِنَ أَنْ يَبِيعُوا مَتَاعَهُ وَثِيَابَهُ وَلَا يَبِيعُونَ رَقِيقَهُ وَلَا يُنْفِقُونَ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، لَكِنْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ طَعَامٌ لِمَوْلَاهُ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ كَانَ هُوَ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعُوهُ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لِدَرَاهِمَ يَأْخُذُهَا هُوَ فَيُنْفِقُهَا عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دُيُونٌ وَتَرَكَ أَمْوَالًا وَوَرَثَةً فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ وَالِي فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ هَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ وَحُقُّهُ مُتَّصِلٌ بِحَقِّ الْغَائِبِ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَصَارَا وَصِيَّيْنِ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْحَاضِرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ إلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الْحَاضِرَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَكَانَا وَصِيَّيْنِ جَمِيعًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ الْغَائِبُ الَّذِي حَضَرَ وَصِيًّا مَا لَمْ يُعِدْ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَعَلَ الْأَوَّلَ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَى الْأَوَّلِ رَجُلًا آخَرَ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَكَذَا لَوْ كَانَا وَصِيَّيْنِ لِيَتِيمَيْنِ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْآخَرِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَضَى الْوَصِيَّانِ دَيْنَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ثُمَّ شَهِدَا لَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَضْمَنَانِ مَا دَفَعَا إلَى الْمُدَّعِي لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ شَهِدَا لَهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَمَرَهُمَا الْقَاضِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَقَضَيَا دِينَهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الضَّمَانُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا لَوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ.
وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ وَالْغَرِيمُ الْآخَرُ يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَأَوْصَى إلَى صَاحِبِهِ جَازَ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِمَا جَازَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْوَصِيُّ إذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الْإِيصَاءَ نَصًّا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ أَوْصَى فَمَاتَ وَفِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ أَوْ قَبَضَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ بِدُونِ أَمْرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يُخَافُ الْهَلَاكُ عَلَى الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا.
وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةٌ فَدَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْوَارِثُ، وَلَيْسَ هَذَا كَأَخْذِ الْمَالِ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ.
وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَمْلِكَانِ الْأَخْذَ مِنْ الْمُودِعِ وَالْغَاصِبِ إلَّا أَنَّ فِي الْغَصْبِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُودِعِ.
وَصِيَّانِ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا حَمَّالِينَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِحَضْرَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُمَا سَاكِتَانِ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْكَفَنِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِالْحِنْطَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ جَازَ دَفْعُهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ.