للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ أَمِينًا فِيهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ، وَكَذَا إذَا شَكَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَصِيَّ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ خِيَانَةً عَزَلَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يُخْرِجُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُخْرِجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَصِيٌّ عَلَى وَقْفٍ أَوْ فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمَيِّتِ أَوْ الْوَقْفِ فَأَقَامَ الْحَاكِمُ قَيِّمًا آخَرَ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ بَعْدَ أَيَّامٍ: صِرْت قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَا فُوِّضَ إلَيَّ هَلْ يُعِيدُهُ الْحَاكِمُ إلَى مَا كَانَ؟ (قَالَ) : هُوَ وَصِيٌّ عَلَى حَالِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيِّينَ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَنْفَرِدُ بِهَا (مِنْهَا) تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ وَإِعْتَاقُ النَّسَمَةِ وَرَدُّ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ يَنْفَرِدُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِقِسْمَةِ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَبِإِجَارَةِ الْيَتِيمِ بِعَمَلٍ يُتَعَلَّمُ وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِبَيْعِ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى وَالتَّلَفُ، وَلَا يُدَّخَرُ كَالْفَوَاكِهِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْفَقِيرَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ، وَإِنْ عَيَّنَ الْفَقِيرَ يَنْفَرِدُ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَسَاكِينِ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّنْفِيذِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمِسْكِينَ يَنْفَرِدُ عِنْدَ الْكُلِّ هَذَا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا جُمْلَةً فِي كَلَامٍ فَإِنْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا أَوَّلًا ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخَرِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَاهُنَا: يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيٌّ تَامٌّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ وَحْدَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

رَجُلٌ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوُ التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ آخَرَ بِأَنْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي قَضَاءِ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَالَ لَآخِرَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي الْقِيَامِ بِأَمْرِ مَالِي أَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ يَتَقَاضَى دَيْنِي وَلَمْ أُوصِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَوْصَيْتُ بِجَمِيعِ مَالِي فُلَانًا آخَرَ؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ وَجَعَلَ رَجُلًا آخَرَ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ الْآخَرِ أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَى الْآخَرِ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَطَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَتَصَرَّفُ الْحَيُّ فِي مَالِهِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَيُطْلِقُ لَهُ التَّصَرُّفَ فَعَلَ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَ الْمَيِّتِ فَعَلَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ الْحَيُّ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ (وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ) إحْدَاهَا - هَذِهِ.

وَالثَّانِيَةُ - إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفَرِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>