للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّيُونُ ثُمَّ مَاتَ هَذَا الِابْنُ وَتَرَكَ أَبًا فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَتِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ.

وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ غَيْرُ مُحِيطٍ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ صَاحِبَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَكِنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ فَبَاعَ الْقَاضِي كُلَّ التَّرِكَةِ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْوَصِيِّ وَأَبِي الْمَيِّتِ فَقَالَ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا أَبُو الْمَيِّتِ وَهُوَ جَدُّ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ فَائِدَةٌ تُحْفَظُ مِنْ الْخَصَّافِ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ، قَالَ فِي الْكِتَابِ: إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَصِيًّا وَأَبَا كَانَ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَالْأَبُ أَوْلَى ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ قَالَ: فَوَصِيُّ الْجَدِّ ثُمَّ وَصِيُّ الْقَاضِي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِ الْخَصَّافِ يُفْتِي صَغِيرٌ وَرِثَ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُسْرِفٌ مُبَذِّرٌ مُسْتَحَقٌّ لِلْحَجَرِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْحَجَرَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ لِلْأَبِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَامًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، فَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ كَانَ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ.

إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِالنَّسِيئَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْيَتِيمِ بِأَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْجُحُودُ وَالْمَنْعُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عَلَى الْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْجُحُودُ وَالْمَنْعُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَجُوزُ؛ وَعَلَى هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا اسْتَبَاعَ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ مَالٍ الْيَتِيمِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَالْأَوَّلُ أَمْلَى؛ يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي لَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْجُحُودُ وَالْمَنْعُ عِنْدَ الطَّلَبِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ دَارٌ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا كُلَّ شَهْرٍ بِثَمَانِيَةٍ وَالْآخَرُ بِعَشَرَةِ وَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُهَا بِثَمَانِيَةٍ أَمْلَى يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا مُتَوَلِّي الْأَوْقَافِ وَجَمِيعُ أُمَنَاءِ الْأَوْقَافِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَصِيٌّ بَاعَ ضَيْعَةً لِلْيَتِيمِ مِنْ مُفْلِسٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ رَغْبَةٍ فَالْقَاضِي يُؤَجِّلُ الْمُشْتَرِيَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَوْفَى الثَّمَنَ وَإِلَّا يَنْفُضْ الْبَيْعَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ مِمَّنْ هَذَا حَالُهُ يَكُونُ اسْتِهْلَاكًا إلَّا أَنَّهُ إنْ أَدَّى الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ الْآنَ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ نَاظِرًا خُصُوصًا لِلصِّغَارِ وَتَمَامُ النَّظَرِ فِيمَا قُلْنَا. وَصِيٌّ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ إنْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ أَنَّهُ بَاعَ بِقِيمَةٍ وَأَنَّ قِيمَتَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى مَنْ يَزِيدُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَايَدَةِ يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ وَفِي السُّوقِ بِأَقَلَّ لَا يَنْقُضْ بَيْعَ الْوَصِيِّ لِأَجْلِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنْ اُجْتُمِعَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمْ فَقَوْلُ الْوَاحِدِ يَكْفِي كَمَا فِي التَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا. وَعَلَى هَذَا قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا آجَرَ مُسْتَغِلَّ الْوَقْفِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَيَزِيدُ فِي الْأَجْرِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَصِيٌّ بَاعَ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ لِإِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَرَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي وَحَلَّفَهُ فَحَلَفَ وَالْوَصِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْوَصِيِّ: إنْ كُنْت صَادِقًا فَقَدْ فَسَخْت الْبَيْعَ بَيْنَكُمَا فَيَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمُخَاطَرَةِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ بَعْدَمَا جَحَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ صَارَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ فَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْوَصِيَّ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا حَقِيقَةً وَإِذَا فَسَخَ الْقَاضِي بَيْعَهُمَا لَا يَلْزَمُ بَلْ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ مَاتَ وَقَدْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخَلَّفَ صُنُوفًا مِنْ الْعَقَارَاتِ وَالْوَصِيُّ يَبِيعُ صِنْفًا لِلْوَصِيَّةِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ لَا يَرْضَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>