مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الثُّلُثَ مِمَّا يُمْكِنُ يَبِيعُ الثُّلُثَ مِنْهُ.
وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ امْرَأَةٍ أَوْصَتْ أَنْ يُبَاعَ ضَيَاعُهَا وَيُصْرَفَ ثُلُثُ ثَمَنِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ إنَّهَا مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ وَرَثَةً كِبَارًا فَأَرَادَ الْوَصِيُّ بَيْعَ جَمِيعِ الضَّيْعَةِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ إلَّا مِقْدَارَ الْوَصِيَّةِ قَالَ: إنْ كَانَ الثُّلُثُ يُشْتَرَى بِالْوَكْسِ وَيُدْخِلُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْوَصِيَّةِ الضَّرَرَ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الْكُلَّ وَإِلَّا فَلَا يَبِيعُ إلَّا بِمِقْدَارِ الْوَصِيَّةِ. وَكَانَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِهَذَا وَكَأَنَّهُ كَانَ يُفْتِي عِنْدَ دُخُولِ الضَّرَرِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِقَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ أَوْ الْمَيِّتِ فَإِنْ فَعَلَ وَرَبِحَ يَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَأَنْ يُشَارِكَ بِهِ غَيْرَهُ وَأَنْ يُبْضِعَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصِيٌّ آجَرَ بَعْضَ التَّرِكَةِ إجَارَةً طَوِيلَةً لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ.
مَدْيُونٌ مَاتَ وَأَوْصَى فَغَابَ الْوَصِيُّ فَعَمَدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَبَاعَ تَرِكَتَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، هَذَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً بِالدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَغْرِقَةً نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ.
وَارِثٌ كَبِيرٌ بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ عَقَارِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَوَصَايَا فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَرُدَّ بَيْعَهُ، إنْ كَانَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُنْفِذَ مِنْهُ الْوَصَايَا وَيَقْضِيَ الدَّيْنَ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ.
مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ فَأَوْصَتْ إلَى الْأَخ فَقَبِلَ وَصِيَّتَهَا ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّذَ وَصِيَّتَهَا أَوْ يَقْضِيَ دَيْنَهَا اشْتَرَى نَصِيبَ الزَّوْجِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْعَقَارِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ مِقْدَارَ نَصِيبِهِ وَالْمُشْتَرِي عَرَفَ ذَلِكَ إنْ أَنْفَذَ الْوَصَايَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ حَتَّى اخْتَصَمُوا إلَى الْقَاضِي أَبْطَلَ بَيْعُهُ وَبَدَأَ بِدُيُونِ الْمَيِّتِ وَوَصَايَاهُ ثُمَّ الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
مَدْيُونٌ أَوْصَى بِوَصَايَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَخَلَّفَ دَارًا وَلَا يَقْدِرُ الْوَصِيُّ عَلَى إنْفَاذِ وَصَايَاهُ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ الَّتِي عَلَيْهِ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ، وَالْوَارِثُ لَا يَرْضَى بِبَيْعِ جَمِيعِ الدَّارِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الدَّارِ أَوْ عَلَى عَامَّتِهَا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهَا إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لَا يَسْعَهُ إلَّا ذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى عَلَى الْمَيِّتِ طَوِيلًا إنْ لَمْ يَبِعْ وَأَهْلُ الْوَصَايَا شُرَكَاءُ الْوَارِثِ الْوَصِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي.
وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ فِي الِاسْتِحْسَانِ.
وَلَوْ قَضَى الْوَصِيُّ دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ
وَصِيٌّ احْتَالَ بِمَالِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمْلَى مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَيَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ وَيَصِيرُ هُوَ ضَامِنًا لِلصَّغِيرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا رَهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِحَاجَةِ الْيَتِيمِ فَضَاعَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْيَتِيمِ بِحَالِهِ يُطَالَبُ بِهِ الْوَصِيُّ.
وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ غَصَبَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّغِيرِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ قِيمَتَهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِحَقِّ الْيَتِيمِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ الْغَصْبِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ضَمِنَ لِحَقِّهِمَا حَتَّى أَنَّ فِي الْفَصْل الْأَوَّلِ إذَا أَدَّى دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ بِمَا ضَمِنَ رَجَعَ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ.
وَإِنْ غَصَبَ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِرَجُلٍ