وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ؟ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ.
وَإِذَا آجَرَ الْوَصِيُّ الصَّبِيَّ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا آجَرَ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ أَوْ مَالًا آخَرَ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَى مَالِهِ الْوَصِيُّ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْيَتِيمِ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ. ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ وَيَجِبُ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِهِ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ لِلصَّغِيرِ وَلَكِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ إذَا عُمِلَ وَالْفَضْلُ يُرَدُّ عَلَى الصَّغِيرِ
الْوَصِيُّ إذَا أَجَّرَ مَنْزِلًا لِلصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ أَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجَرُ أَجْرَ الْمِثْلِ أَمْ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلسُّكْنَى فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ بِالسُّكْنَى. قَالَ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوَاهُ عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يَجِبُ أَنْ يَصِيرَ غَاصِبًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَا يَكُونُ غَاصِبًا وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ: أَتُفْتِي بِمَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَرَأَيْت فِي نُسَخٍ أُخَرَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِكَمَالِهِ وَلَوْ كَانَ سَمَّى فِيهِ الْأَجْرَ وَجَبَ الْمُسَمَّى وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ يُفْتِي بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ النُّقْصَانُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ اسْتَأْجَرَ الصَّبِيُّ لِنَفْسِهِ يَجُوزُ، كَذَا ذَكَرِ الْقُدُورِيُّ، وَكَذَا أَجَابَ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ آجَرَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْيَتِيمِ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْيَتِيمِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَلَوْ وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ فَعَوَّضَ الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ وَيَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَوَّضَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَصِيٍّ يَتِيمٍ بَاعَ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِالْخِيَارِ فَازْدَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَصَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِذَ الْبَيْعَ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَصِيٌّ بَاعَ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَلَغَ الْغُلَامُ فِي الثَّلَاثِ ثُمَّ تَمَّتْ الثَّلَاثُ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَجَازَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ مَاتَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُجِيزَهُ الْغُلَامُ.
وَلَوْ أَنَّ وَصِيَّ يَتِيمٍ بَاعَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ الْيَتِيمُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ جَازَ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ الْوَالِدُ وَعَلَّلَ فَقَالَ: لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ لِلصَّغِيرِ.
وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْوَصِيِّ فَأَدْرَكَ الْيَتِيمُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَمَّ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَلَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ جَارِيَةً لِلصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَاطَّلَعَ الْوَصِيُّ عَلَى عَيْبٍ وَرَضِيَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ الْيَتِيمُ عَنْ الْوِصَايَةِ أَوْ بَعْدَمَا نَهَاهُ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
وَإِنْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَكَبِرَ الْيَتِيمُ فِي الثَّلَاثِ ثُمَّ أَجَازَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ فَالْيَتِيمُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ الْوَصِيَّ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْوَصِيُّ بَعْدَمَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْيَتِيمُ عَلَى خِيَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْوَصِيُّ وَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ مَاتَ الْيَتِيمُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ قَبْلَ رِضَا الْوَصِيِّ بِالْمُشْتَرِي أَوْ بَعْدَهُ فَالشِّرَاءُ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصِيٌّ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَأَدْرَكَ فَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ مُصْلِحًا غَيْرَ مُفْسِدٍ، وَقَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا أَبْرَأَكَ وَصِيِّي مِنْ مَالِي جَازَ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا عَلَيْك - لَا يَبْرَأْ. قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْخِلَافُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا نَأْخُذُ بِهِ بَلْ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِإِبْرَاءِ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا بَلَغَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ فَعَلَى