للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْيَتِيمِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلّ حَالٍ، وَتَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَفْسِيرِ الْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ قَالَ: أَنْ يَبِيعَ مِنْ الصَّبِيِّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِثَمَانِمِائَةٍ وَيَبِيعَ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي ثَمَانَمِائَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَبِيعَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ مِنْ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ بِأَلْفٍ، ثُمَّ إذَا جَازَ بَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ: بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت كَمَا فِي الْأَبِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الشَّطْرَيْنِ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ هَاهُنَا وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الشَّطْرَيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَصَبِيُّ الْيَتِيمَيْنِ إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخِرِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لَهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ مِنْ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَكَذَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدَيْنِ لِيَتِيمَيْنِ بِالتَّصَرُّفِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ مِنْ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ صَحَّ الْإِذْنُ وَسُكُوتُهُمَا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَكُونُ إذْنًا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ بَطَلَ الْإِذْنُ، وَإِنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَالْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ حَيٌّ لَا يَبْطُلُ الْإِذْنُ وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِبَيْعِ مَالِ الصَّغِيرِ أَوْ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ الْأَبُ أَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ.

الْقَاضِي إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَوْ لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدٍ لِلْمَعْتُوهِ وَلَوْ رَأَى الْقَاضِي عَبْدًا لِلْمَعْتُوهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهُ.

الْقَاضِي إذَا رَأَى أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَبَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِبَاؤُهُمَا يَكُونُ بَاطِلًا فَإِنْ حَجَرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي لَمْ يَصِحَّ حَجْرُهُمَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ هَذَا الْقَاضِي لَا يَنْحَجِرُ إلَّا أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ آخَرَ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيَحْجُرُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ هَذَا الْقَاضِي مِثْلُ وِلَايَةِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ بَاعَ مِنْ الْوَصِيِّ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ أَصْلًا كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَرِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَفِي بَعْضِ رِوَايَةِ الْمَأْذُونِ إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلصَّغِيرِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلصَّغِيرِ لَا يَصِحَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الْوَصِيُّ إذَا أَخَذَ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى آخَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَصِيِّ جَازَ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ النُّقْصَانِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ مِمَّا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ خَيْرًا لَهُ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ فِطْرِ الْيَتِيمِ بِمَالٍ وَأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْيَتِيمُ مُوسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا وَلَا يُؤَجِّلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ الْحَطُّ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ ضَامِنًا.

وَلَوْ صَالَحَ الْوَصِيُّ وَاحِدًا عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَ الْقَاضِي عَلِمَ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةٌ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ أَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُ بِحَقِّهِ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ وَلَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ طَمَعَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ أَوْ الْمُتَغَلِّبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَأَخَذَ الْوَصِيُّ وَهَدَّدَهُ لِيَأْخُذَ بَعْضَ مَالِ الْيَتِيمِ، قَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ فَإِنْ كَانَ أَعْطَى كَانَ ضَامِنًا. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ خَافَ الْوَصِيُّ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ إتْلَافَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ خَافَ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ مَالِ الْيَتِيمِ فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لَا يَضْمَنْ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>