أَوْ وَكِيلَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ الْعَقَارَ إلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِهِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ وَسَجَّلَ لَهُ وَكَتَبَ لَهُ قَضِيَّتَهُ لِيَكُونَ فِي يَدِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ إلَّا أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ أَمَّا لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ فَلِهَذَا قَالَ يَحْكُمُ بِالْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي لَكِنْ لَا يُسَلِّمُهُ إلَيْهِ، ثُمَّ إذَا أَوْرَدَ الْمُدَّعِي قَضِيَّةَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَضَائِهِ فَالْقَاضِي الْكَاتِبُ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَتَنْفِيذُ الْقَضَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَلِكَ لَا يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الدَّارِ قَضَاءٌ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ إذَا قَضَى لِلْمُدَّعِي وَسَجَّلَ الْقَاضِي لَهُ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَ الْمُدَّعِي أَمِينًا لَهُ لِيُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْمُدَّعِي.
فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ كِتَابًا يَحْكِي لَهُ فِيهِ كِتَابَهُ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَيُخْبِرُهُ بِجَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي وَبِحُكْمِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي وَبِأَمْرِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَ الْمُدَّعِي أَمِينًا لِيُسَلِّمَ الْعَقَارَ إلَى الْمُدَّعِي وَامْتِنَاعِهِ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكْتُبُ، وَذَلِكَ قِبَلَكَ، وَسَأَلَنِي الْمُدَّعِي الْكِتَابَ إلَيْكَ وَإِعْلَامَكَ بِحُكْمِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ بِذَلِكَ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ هَذَا الْعَقَارَ فَاعْمَلْ فِي ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَإِيَّانَا بِحَقِّ اللَّهِ عَلَيْكَ وَسَلِّمْ الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ فِي الْكِتَابِ إلَى الْمُدَّعِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مُوَصِّلِ كِتَابِي هَذَا إلَيْكَ فَإِذَا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَى الْمُدَّعِي وَيُخْرِجُهُ عَنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُدَّعِي، وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا - أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا الْقَاضِي يَكْتُبُ لَهُ فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ يَحْكُمُ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَأَمَرَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْعَقَارِ إلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ التَّسْلِيمِ فَالْقَاضِي يُسَلِّمُ بِنَفْسِهِ وَيَصِحُّ مِنْهُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ فِي وِلَايَتِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكْتُبُ لَهُ أَيْضًا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَعَثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْعَقَارُ وَيَكْتُبُ إلَيْهِ كِتَابًا حَتَّى يَقْضِيَ بِالْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَسَجَّلَ لَهُ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَيْهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ.
(كِتَابٌ حُكْمِيٌّ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ) صُورَةُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْبُخَارِيِّ عَبْدٌ آبِقٌ إلَى سَمَرْقَنْدَ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ سَمَرْقَنْدِيٌّ فَأُخْبِرَ بِهِ الْمَوْلَى وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى شُهُودٌ بِسَمَرْقَنْدَ إنَّمَا شُهُودُهُ بِبُخَارَى فَطَلَبَ الْمَوْلَى مِنْ قَاضِي بُخَارَى أَنْ يَكْتُبَ قَاضِي بُخَارَى بِمَا شَهِدَ شُهُودُهُ عِنْدَهُ فَالْقَاضِي يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ وَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الدُّيُونِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ: شَهِدَ عِنْدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ السِّنْدِيَّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ فُلَانٌ حِلْيَتُهُ كَذَا وَقَامَتُهُ كَذَا مِلْكُ فُلَانٍ الْمُدَّعِي هَذَا وَقَدْ أَبَقَ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَالْيَوْمَ فِي يَدِ فُلَانٍ بِسَمَرْقَنْدَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُشْهِدُ عَلَى كِتَابِهِ شَاهِدَيْنِ يُشَخَّصَانِ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَيُعْلِمُهُمَا بِمَا فِي الْكِتَابِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا فِيهِ فَإِذَا انْتَهَى هَذَا الْكِتَابُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ يُحْضِرُ الْعَبْدَ مَعَ الَّذِي فِي يَدِهِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا فِيهِ حَتَّى يَقْبَلَ شَهَادَتَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ فَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَثَبَتَ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَهُ فَتَحَ الْكِتَابَ، فَإِنْ وَجَدَ حِلْيَة الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مُخَالِفًا لِمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ رَدَّ الْكِتَابَ إذْ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ غَيْرُ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا؛ قَبِلَ الْكِتَابَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَشْهَدُوا بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعِي بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَيَجْعَلُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ خَاتَمًا مِنْ رَصَاصٍ حَتَّى لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ أَنَّهُ سَرَقَهُ وَيَكْتُبُ كِتَابًا إلَى قَاضِي بُخَارَى بِذَلِكَ وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ وَخَتْمِهِ وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ.
فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى قَاضِي بُخَارَى وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ كِتَابُ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَخَاتَمُهُ أَمَرَ الْمُدَّعِي أَنْ يُحْضِرَ شُهُودَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute