الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَشْهَدُونَ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي، فَإِذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ، مَاذَا يَصْنَعُ قَاضِي بُخَارَى؟ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قَاضِيَ بُخَارَى لَا يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ غَائِبٌ وَلَكِنْ يَكْتُبُ كِتَابًا آخَرَ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَيَكْتُبُ فِيهِ مَا جَرَى عِنْدَهُ وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ وَخَتْمِهِ وَمَا فِيهِ وَيَبْعَثُ بِالْعَبْدِ مَعَهُ إلَى سَمَرْقَنْدَ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عِنْدَهُ بِالْكِتَابِ وَالْخَتْمِ وَبِمَا فِي الْكِتَابِ.
وَظَهَرَتْ عَدَالَةُ الشَّاهِدَيْنِ قَضَى لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَبْرَأَ كَفِيلَ الْمُدَّعِي، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إنَّ قَاضِيَ بُخَارَى يَقْضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي وَيَكْتُبُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ حَتَّى يُبْرِئَ كَفِيلَ الْمُدَّعِي.
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَ الْقَاضِي فِي الْإِمَاءِ، فَصُورَتُهُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبْدِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً مَأْمُونًا فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَلَكِنْ يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ حَتَّى يَجِيءَ بِرَجُلٍ ثِقَةٍ مَأْمُونٍ فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ؛ يَبْعَثُ بِهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي بَابِ الْفُرُوجِ وَاجِبٌ.
(رَسْمُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ فِي تَقْلِيدِ الْأَوْقَافِ) يَكْتُبُ: يَقُولُ الْقَاضِي؛ فُلَانٌ قَاضِي كُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذُ الْقَضَاءِ بِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ: وَقَعَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ جَمَاعَةِ مَسْجِدِ فُلَانٍ فِي سِكَّةِ فُلَانٍ فِي مَحَلَّةِ فُلَانٍ فِي كُورَةِ بُخَارَى، وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقَعَ اخْتِيَارُهُمْ جَمِيعًا لِلْقِيَامِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِمَا عَرَفُوا مِنْ صَلَاحِهِ وَأَمَانَتِهِ وَكِفَايَتِهِ وَهِدَايَتِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ فَأَمْضَيْتُ اخْتِيَارَهُمْ وَنَصَبْتُ مُخْتَارَهُمْ هَذَا قَيِّمًا فِيهَا لِيَقُومَ بِحِفْظِهَا وَحِيَاطَتِهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْإِضَاعَةِ وَصَرْفِ ارْتِفَاعَاتِهَا إلَى وُجُوهِ مَصَارِفِهَا وَمُرَاعَاةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهَا، وَأَوْصَيْتُهُ فِي ذَلِكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالتَّجَنُّبِ عَنْ الْمَكْرِ وَالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَأَطْلَقْتُ لَهُ.
(الده يازده) مِمَّا يَحْصُلُ فِي يَدِهِ مِنْ ارْتِفَاعَاتِهَا لِيَكُونَ لَهُ مَعُونَةٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَلَّدْتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَتَقَلَّدَ مِنِّي بِشَرْطِ الْوِقَايَةِ، وَأَمَرْتُ بِكِتَابَةِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِ مَنْ حَضَرَنِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ، ثُمَّ يُوَقِّعُهُ الْقَاضِي عَلَى الصَّدْرِ بِتَوْقِيعِهِ الْمَعْرُوفِ وَيَكْتُبُ فِي آخِرِهِ: يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ: جَرَى ذَلِكَ كُلُّهُ مِنِّي وَعِنْدِي وَكَتَبْتُ التَّوْقِيعَ عَلَى الصَّدْرِ، وَهَذِهِ الْأَسْطُرُ فِي الْآخِرِ بِخَطِّ يَدَيَّ.
(كِتَابٌ يَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى بَعْضِ الْحُكَّامِ فِي النَّوَاحِي لِاخْتِيَارِ الْقَيِّمِ لِلْأَوْقَافِ) أَيَّدَ اللَّهُ تَعَالَى - فُلَانًا قَدْ رَفَعَ إلَيَّ أَنَّ الْأَوْقَافَ الْمَنْسُوبَةَ إلَى مَسْجِدِ قَرْيَتِكُمْ خَالِيَةٌ عَنْ قَيِّمٍ يَتَعَاهَدُهَا وَيَجْمَعُ غَلَّاتِهَا وَيَصْرِفُهَا إلَى مَصَارِفِهَا وَيَصُونُهَا عَنْ الْإِضَاعَةِ فَكَاتَبْتُهُ فِي ذَلِكَ لِيَخْتَارَ قَيِّمًا ذَا عَفَافٍ وَأَمَانَةٍ وَهِدَايَةٍ وَكِفَايَةٍ فِي الْأُمُورِ وَصَلَاحٍ وَدِيَانَةٍ، وَيَكْتُبُ الْجَوَابَ عَلَى ظَهْرِ كِتَابِي هَذَا مَشْرُوحًا لِأَقِفَ عَلَيْهِ وَأُقَلِّدَ مَنْ أَخْتَارُهُ لِلْقِوَامَةِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى -. .
(جَوَابُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) قَدْ وَصَلَ إلَيَّ كِتَابُ الشَّيْخِ الْقَاضِي الْإِمَامِ - يُدِيمُ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَهُ - وَقَرَأْتُهُ وَفَهِمْتُ مَضْمُونَهُ وَامْتَثَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ اخْتِيَارِ الْقَيِّمِ لِلْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى مَسْجِدِ قَرْيَتِنَا فَوَقَعَ اخْتِيَارِي وَاخْتِيَارُ الْمَشَايِخِ مِنْ قَرْيَتِي لِلْقِيَامِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى مَسْجِدِ قَرْيَتِنَا عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِمَا عَرَفْنَا مِنْ صَلَاحِهِ وَصِيَانَتِهِ وَعَفَافِهِ وَدِيَانَتِهِ وَكِفَايَتِهِ فِي الْأُمُورِ، وَكَوْنِهِ مُقِيمًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَلْيَتَفَضَّلْ بِتَقْلِيدِهِ وَالْإِطْلَاقِ لَهُ (الده يازده) مِمَّا يَحْصُلُ مِنْ ارْتِفَاعَاتِ هَذِهِ الْأَوْقَافِ لِيَكُونَ لَهُ مَعُونَةٌ عَلَى الْقِيَامِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَشْكُورٌ مُثَابٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.
(تَقْلِيدُ الْوِصَايَةِ) يَقُولُ: الْقَاضِي فُلَانٌ قَدْ رَفَعَ إلَيَّ أَنَّ فُلَانًا تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنًا صَغِيرًا وَلَمْ يَجْعَلْ أَحَدًا وَصِيًّا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute