للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولَةً وَأَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ هَذَا الْكِتَابُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَعْنِي الزَّوْجَ مِنْ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْخَصَّافُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَزِيدُونَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً فَيَكْتُبُونَ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانٍ يَعْنِي الزَّوْجَ كَتَبَتْ لَهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، ثُمَّ يَكْتُبُ أَنِّي كَرِهْتُ صُحْبَتَكَ وَطَلَبْتُ فِرَاقَكَ هَكَذَا يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْخَصَّافُ وَهِلَالٌ وَالسَّمْتِيُّ وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَنِي تَزَوُّجًا صَحِيحًا جَائِزًا بِوَلِيٍّ هُوَ أَقْرَبُ عَصَبَتِي إلَيَّ وَشُهُودٍ أَحْرَارِ مُسْلِمِينَ عُدُولٍ بَالِغِينَ وَمَهْرٍ مُسَمًّى عَاجِلٍ وَآجِلٍ وَأَنِّي لَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ مَهْرِي الَّذِي تَزَوَّجْتَنِي عَلَيْهِ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَأَنَّكَ دَخَلْتَ بِي وَجَامَعَتْنِي وَإِنِّي كَرِهْتُ صُحْبَتَكَ وَطَلَبْتُ فِرَاقَكَ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ مِنْكَ لِي، وَلَا إسَاءَةٍ كَانَتْ مِنْكَ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنِّي سَأَلْتُكَ أَنْ تَخْلَعَنِي بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ مِنْ مَهْرِي، وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ: وَإِنِّي سَأَلْتُكَ بَعْدَمَا خِفْنَا أَنْ لَا نُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تُطَلِّقَنِي تَطْلِيقَةً بَائِنَةً بِجَمِيعِ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ.

وَإِنَّمَا كَتَبُوا بَعْدَمَا خِفْنَا أَنْ لَا نُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى تَبَرُّكًا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩] ، وَإِنَّمَا اخْتَارُوا لَفْظَةَ الطَّلَاقِ عَلَى لَفْظَةِ الْخُلْعِ حَتَّى كَتَبُوا: وَإِنِّي سَأَلْتُكَ أَنْ تُطَلِّقَنِي تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، وَلَمْ يَكْتُبُوا أَنْ تَخْلَعَنِي؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِمَالٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِالْإِجْمَاعِ وَحُكْمَ الْخُلْعِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَالسَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا بِجَمِيعِ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ، وَهُوَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَصِيرَ مِقْدَارُ السَّاقِطِ بِالْخُلْعِ مَعْلُومًا فَيَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ يَمْنَعُ التَّسْمِيَةَ فَيَذْكُرُ ذَلِكَ لِيَصِحَّ الْخُلْعُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكْتُبُ: وَبِجَمِيعِ نَفَقَتِي مَا دُمْتُ فِي عِدَّتِي؛ لِأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ عِنْدَنَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَائِلًا كَانَتْ أَوْ حَامِلًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى كِتَابَةِ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَالًا زَائِدًا، وَإِنْ كَانُوا لَوْ ذَكَرُوا يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ النُّشُوزَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، وَالنُّشُوزُ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ حَلَّ لِلزَّوْجِ أَخْذُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ دِيَانَةً وَقَضَاءً عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ لَا يَحِلُّ أَخْذُ الزِّيَادَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لَيُعْلَمَ أَنَّ أَخْذَ الْفِدَاءِ حَلَالٌ لِلزَّوْجِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَقَبِلْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِيجَابُ مِنْ الزَّوْجِ لِمَا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بِإِيجَابِ الزَّوْجِ، ثُمَّ يَكْتُبُ وَخَلَعْتَنِي بِجَمِيعِ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ، وَهُوَ كَذَا وَبِجَمِيعِ نَفَقَةِ عِدَّتِي مَا دُمْتِ فِي عِدَّتِي إنَّمَا أَعَادَ ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَقَدْ رَضِيتُ بِذَلِكَ وَقَبِلْتُ حَتَّى يَثْبُتَ قَبُولُهَا الْخُلْعَ فَيَعُمَّ الْخُلْعُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، ثُمَّ يَكْتُبُ فَاخْتَلَعْتُ بِهِ مِنْكَ فَلَا حَقَّ لِي قِبَلَكَ، وَلَا دَعْوَى، وَلَا طَلَبَ مِنْ مَهْرٍ وَلَا نَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَكْتُبُ ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَاتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ.

ثُمَّ، هَلْ يَكْتُبُ ضَمَانَ الدَّرَكِ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى مَهْرِهَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَأَصْحَابُنَا كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ كَانَ يَكْتُبُ وَعَلَيَّ أَنِّي ضَامِنٌ لِمَا أَدْرَكَكَ فِيهِ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلٍ أَحَدٍ مُسَمًّى قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ مَا يَكُونُ مِنْهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَهْرِ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ وَتَصَرُّفُهَا فِي الْمَهْرِ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ الدَّرَكِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدَّرَكِ إذَا كَانَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَيْنًا فَيَتَحَقَّقُ فِيهِ الدَّرَكُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ يَكْتُبُ: أَنَّكَ خَالَعْتَنِي فِي وَقْتِ السُّنَّةِ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>