عَلَى الصَّغِيرَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا صَغِيرٌ فَطِيمٌ فَخَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُمْسِكَ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ وَتَقُومَ بِحَضَانَتِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا فِي مُدَّةِ الْحَضَانَةِ فَهَذَا جَائِزٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشُّرُوطِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ النَّفَقَةِ وَمَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ مِنْ الْمَطْعُومِ مَجْهُولٌ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَدِّرَ مَا يَكْفِي لِهَذَا الصَّغِيرِ مِنْ النَّفَقَةِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ وَيَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فِي الْخُلْعِ.
ثُمَّ يَأْمُرَ الزَّوْجَ لَهَا بِصَرْفِ الْقَدْرِ إلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ يَجْعَلَ ذَلِكَ الْمُقَدَّرَ أُجْرَةً لَهَا عَلَى التَّرْبِيَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ لَهُ، ثُمَّ يُوَكَّلُ الرَّجُلُ إيَّاهُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهَا عَمَّا يَحْصُلُ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا عِنْدَ وَفَاةِ الصَّغِيرِ أَوْ تَزَوُّجِهَا بِزَوْجٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّرْبِيَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ يَعْنِي الزَّوْجَ أَنَّهُ خَالَعَ مِنْ نَفْسِهِ زَوْجَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى بَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا عَلَيْهِ وَعَلَى مِائَةِ دِينَارٍ حُمْرٍ نَيْسَابُورِيَّةٍ جَيِّدَةٍ تَدْفَعُهَا إلَيْهِ مِنْ مَالِهَا مُخَالَعَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَكَانَ لِهَذِهِ الْمُخْتَلِعَةِ مِنْ هَذَا الْمُخَالِعِ ابْنٌ صَغِيرٌ فَطِيمٌ وَطَلَبَ هَذَا الْمُخَالِعُ مِنْ مُخْتَلِعَتِهِ هَذِهِ أَنْ تُمْسِكَهُ وَتَقُومَ بِحَضَانَتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً كَامِلَةً، أَوَّلُهَا يَوْمُ كَذَا وَآخِرُهَا يَوْمُ كَذَا وَيَصْرِفُ الْمِائَةَ الدِّينَارَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا بِعَقْدِ الْخُلْعِ إلَى مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَقَبِلَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ قَبُولًا صَحِيحًا أَوْ يَكْتُبُ، وَكَانَ لِهَذِهِ الْمُخْتَلِعَةِ مِنْ هَذَا الْمُخَالِعِ ابْنٌ صَغِيرٌ فَاسْتَأْجَرَ الْمُخَالِعُ هَذَا مُخْتَلِعَتَهُ هَذِهِ لِحَضَانَةِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ هَذَا وَتَرْبِيَتِهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَامِلَةٍ أَوَّلُهَا يَوْمُ كَذَا وَآخِرُهَا يَوْمُ كَذَا بِهَذِهِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا لِزَوْجِهَا هَذَا اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا، وَأَنَّهَا آجَرَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ كَذَلِكَ بِهَا إجَارَةً صَحِيحَةً، فَإِنْ كَانَ الِابْنُ رَضِيعًا يَكْتُبُ: طَلَبَ الْمُخَالِعُ هَذَا مِنْ مُخْتَلِعَتِهِ هَذِهِ إرْضَاعَ هَذَا الصَّغِيرِ الرَّضِيعِ وَتَرْبِيَتَهُ وَحَضَانَتَهُ سَنَةً وَاحِدَةً بِالْمِائَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَكْتُبَ: اسْتَأْجَرَهَا عَلَى إرْضَاعِ هَذَا الصَّغِيرِ وَعَلَى تَرْبِيَتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُخَالِعَ وَكَّلَهَا وَأَقَامَهَا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهَا عَمَّا يَحْصُلُ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا إنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّرْبِيَةِ وَكَالَةً صَحِيحَةً لَازِمَةً عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهَا عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَادَتْ عَنْهُ وَكِيلَةً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا كَانَتْ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا التَّوْكِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَظَرًا لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَضَانَةِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْمِائَةِ الدِّينَارِ فَكَتَبْنَا ذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُ إذَا مَاتَ الصَّغِيرُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهِيَ تُبْرِئُ نَفْسَهَا فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ شَرَطَ أَنَّ الْوَلَدَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ كَتَبَ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ وَشَرَطَتْ الْمُخْتَلِعَةُ هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ عَنْ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ، وَلَمْ يَكْتُبْ تَوْكِيلَهُ إيَّاهَا بِإِبْرَاءِ نَفْسِهَا كَانَ مُسْتَقِيمًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فَإِنْ كَانَ فِي الْبَطْنِ جَنِينٌ فَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَعْقِدَ الْخُلْعَ عَلَى رَضَاعِهِ فَالْجَوَابُ مَحْفُوظٌ عَنْ السَّلَفِ مِثْلِ الْخَصَّافِ وَأَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ جَائِزٌ فَيَزِيدُ فِي مَوْضِعِ الْجُعْلِ وَعَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ الَّذِي هُوَ فِي بَطْنِهَا لِزَوْجِهَا هَذَا إنْ وَضَعَتْهُ حَيًّا لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَاحِدًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ مَثْنًى، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ، وَلَيْسَ يُحْفَظُ هَذَا عَنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ هَذَا الْجَنِينَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ النَّفَقَةِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَاعْتُبِرَ هَذَا بِسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ تَقْدِيرُ مَالٍ عَلَيْهَا فِي عُقْدَةِ الْخُلْعِ، ثُمَّ اسْتِئْجَارُهُ إيَّاهَا إجَارَةً مُضَافَةً إلَى مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute