ثَلَاثَةٌ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا، وَخِيَارَانِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَلِلسَّاكِتِ حَقُّ تَضْمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ حَقُّ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ، وَفِي الْحَالَيْنِ الْعَبْدُ يَعْتِقُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ السَّاكِتُ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فُلَانٍ، وَاسْمُ هَذَا الْمَمْلُوكِ كَذَا وَحِلْيَتُهُ كَذَا، وَقَدْ أَعْتَقَ هَذَا الْمُعْتِقُ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فُلَانٍ عِتْقًا صَحِيحًا وَالْمُعْتِقُ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى يَثْبُتَ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاخْتَارَ تَضْمِينَ شَرِيكِهِ الْمُعْتِقِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ نَصِيبِهِ مَثَلًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِتَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ الَّذِينَ لَهُمْ بَصِيرَةٌ فِي ذَلِكَ وَمَعْرِفَةٌ وَهُمْ عُدُولٌ فَرَفَعَ السَّاكِتُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ وَادَّعَى عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا الْمِقْدَارَ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ لِمَا أَنَّهُ وَقَعَ اجْتِهَادُهُ عَلَيْهِ وَلَزِمَ الْمُعْتِقَ أَدَاءُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي فَهَذَا الْقَدْرُ دَيْنٌ عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا لِشَرِيكِهِ الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَضَاهُ الْمُعْتِقُ هَذَا الْمِقْدَارَ يَكْتُبُ فَقَضَاهُ هَذَا الْمِقْدَارَ بِإِلْزَامِهِ، وَصَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ حُرًّا مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ هَذَا وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ هَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
وَفِي اخْتِيَارِ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ يَكْتُبُ فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ كَذَا وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْعَبْدَ فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا سَعَى فَهُوَ حُرٌّ مِنْ جِهَتِهِمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا.
وَفِي اخْتِيَارِ إعْتَاقِ نَصِيبِهِ يَكْتُبُ كِتَابًا فَاخْتَارَ إعْتَاقَ نَصِيبِهِ وَأَعْتَقَهُ فَصَارَ حُرًّا مِنْ جِهَتِهِمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ خِيَارَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَارَ السَّاكِتُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ يَكْتُبُ وَكَانَ هَذَا الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ حَتَّى يَثْبُتَ لِلسَّاكِتِ خِيَارَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاخْتَارَ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ كَذَا فَأَمْضَى الْقَاضِي فُلَانٌ اخْتِيَارَهُ وَأَلْزَمَ الْعَبْدَ ذَلِكَ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ حُرًّا مِنْهُمَا إذَا سَعَى وَوَلَاؤُهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ اخْتَارَ إعْتَاقَ نَصِيبِهِ يَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا يَكْتُبُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اخْتَارَ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ وَنَجَمَهُ نُجُومًا يَكْتُبُ فَأَمْضَى الْقَاضِي اخْتِيَارَهُ وَأَلْزَمَ الْعَبْدَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ كَذَا وَنَجَمَهُ عَلَيْهِ نُجُومًا ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِيُؤَدِّيَ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
فَإِنْ صَالَحَ الْعَبْدَ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ عَلَى مِقْدَارٍ أَقَلَّ مِنْهَا يَكْتُبُ وَصَالَحَهُ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ عَلَى كَذَا مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا، فَإِنْ نَجَمَ نُجُومًا وَمَضَى شَهْرٌ وَأَدَّى نَجْمًا وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ وَمَضَى شَهْرٌ وَأَدَّى نَجْمًا، وَهُوَ كَذَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ كَذَا عَلَى نُجُومِ مَا بَقِيَ يُطَالِبُهُ إذَا حَلَّ ذَلِكَ وَبَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ كُلِّهَا يَكْتُبُ: إنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ اسْمُهُ كَذَا، وَكَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ اسْتِسْعَاءَ هَذَا الْعَبْدِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَنَجَمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نُجُومًا فِي كَذَا مِنْ الشُّهُورِ، كُلُّ شَهْرٍ كَذَا فَمَضَى فَاسْتَوْفَى مِنْهُ كَذَا وَمَضَى شَهْرٌ آخَرُ فَاسْتَوْفَى مِنْهُ كَذَا وَاسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْضًا بَعْدَ الشَّهْرِ الثَّالِثِ كَذَا، وَيَقُولُ هُوَ آخِرُ النُّجُومِ فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ، وَلَا قِبَلُهُ، وَلَا عِنْدَهُ وَلَا مَعَهُ شَيْءٌ لَا قَلِيلٌ، وَلَا كَثِيرٌ وَعَتَقَ كُلُّهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ مَوْلًى لَهُمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -) يَكْتُبُ أَعْتَقَ فُلَانٌ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فُلَانٍ وَاسْمُ الْمَمْلُوكِ كَذَا حَتَّى عَتَقَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ فَطَالَبَهُ السَّاكِتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute