للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْتُبُ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابُ مَا كَاتَبَ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ: الْكِتَابَةُ عَقْدٌ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ كَاتَبَ فُلَانٌ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا فَكَانَ كَالْخُلْعِ فَإِنَّ فِي الْخُلْعِ يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ خَالَعَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ فِي الْخُلْعِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِ الشِّرَاءِ مِلْكَ الْبَائِعِ، وَلَا يَدَهُ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ صِحَّةُ الشِّرَاءِ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَقُولُ: الْكِتَابَةُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى تُلْحَقَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْكِتَابَةُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَيَثْبُتُ الْحَيَوَانُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ، وَلَيْسَتْ كَالْخُلْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَيْضًا حَتَّى تُلْحَقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَالْكِتَابَةُ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهَا فَتَعَذَّرَ إلْحَاقُهَا بِالْخُلْعِ وَبِالشِّرَاءِ فَأَلْحَقْنَاهَا بِالْأَقَارِيرِ، وَفِي الْأَقَارِيرُ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ بِلَا خِلَافٍ فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ.

(صُورَةُ مَا كَتَبَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -) هَذَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزْنِ سَبْعَةٍ يُؤَدِّيهَا نُجُومًا فِي خَمْسِ سِنِينَ كُلِّ سَنَةٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَكْتُبُوا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ لِلْحَالِ أَوْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ نَجْمًا وَاحِدًا إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى شَهْرٍ إنَّمَا لَمْ يَكْتُبُوا ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ عِنْدَهُ الْكِتَابَةَ الْحَالَّةَ لَا تَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ الْمُنَجَّمَةُ بِنَجْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُ لَا تَجُوزُ فَكَتَبْنَا يُؤَدِّيهَا نُجُومًا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَتَبْنَا فِي خَمْسِ سِنِينَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِيَصِيرَ مِقْدَارُ النُّجُومِ وَحِصَّةُ كُلِّ نَجْمِ مَعْلُومًا، ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ وَمَحِلُّ أَوَّلِ النُّجُومِ هِلَالُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا إنَّمَا يَكْتُبُ ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ مَحِلُّ أَوَّلِ النُّجُومِ مَعْلُومًا، ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ وَعَلَى فُلَانٍ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لِيُجْهِدَنِّ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكْتُبُ هَذَا تَحْرِيضًا لِلْعَبْدِ عَلَى الْكَسْبِ فَيُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَلَا يَكْتُبُ هَذَا فِي صَكِّ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُجْبَرٌ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ فَلَا حَاجَةَ فِي حَقِّهِ إلَى زِيَادَةِ تَحْرِيضٍ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَغَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَيَحْتَاجُ فِي حَقِّهِ إلَى زِيَادَةِ تَحْرِيضٍ، ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَكْتُبُوا فِي صَكِّ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ مَا دَامَ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ ذَلِكَ وَيَكْتُبَانِ أَيْضًا، وَعَلَى أَنْ يُسَافِرَ مَا دَامَ مُكَاتَبًا أَيْنَمَا شَاءَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ.

وَإِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مَا دَامَ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَى أَنْ يُسَافِرَ مَا دَامَ مُكَاتَبًا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ مَذْهَبَ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُسَافَرَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْكِتَابَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الرِّقِّ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِدُونِ الشَّرْطِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا شَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ فَعِنْدَ الْعَجْزِ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ رَضِيَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَوْ سَخِطَ.

وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ إلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ فَيَكْتُبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ، وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبَانِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ نَجْمَيْنِ فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الرِّقِّ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمِهِمَا اللَّه تَعَالَى - أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>