للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرِي مِنْ دَرْكٍ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ حُقُوقِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ هَذَا تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ فِي آخِرِهِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ عَلَيْهِمَا بِلِسَانٍ عَرَفَاهُ بِهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي حَالِ صِحَّةِ أَبْدَانِهِمَا وَكَمَالِ عُقُولِهِمَا طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ لَا عِلَّةَ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَنَفَاذَ التَّصَرُّفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا بِسَنَةِ كَذَا فَهَذَا الصَّكُّ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ الْأَشْرِيَةِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ الْأَلْفَاظُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ يَكْتُبُ هَذَا مَا بَاعَ فُلَانٌ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْكِيدِ حَقِّهِ.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يَنْتَظِمُ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الشِّرَاءُ بِدُونِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْبَيْعُ بِدُونِ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اشْتَرَى غُلَامًا مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ أَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ: هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ أَنْ يُكْتَبَ هَذَا مَا بَاعَ عَدَاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هُودَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا أَنْ يُكْتَبَ هَذَا مَا اشْتَرَى وَلَمْ يَقُلْ يُكْتَبُ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَكْتُبُونَ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا إشَارَةٌ إلَى الْبَيَاضِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ وَفِيهِ كِتَابَةُ مَا اشْتَرَى لَا حَقِيقَةَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَارَ هَذَا مَا اشْتَرَى تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ؛ وَلِأَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى يَحْتَمِلُ الْإِثْبَاتَ وَيَحْتَمِلُ النَّفْيَ فَيُكْتَبُ هَذَا مَا اشْتَرَى لِيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ النَّفْيِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا عِنْدَ ذِكْرِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يُذْكَرُ اسْمُهُمَا وَاسْمُ أَبِيهِمَا وَلَمْ يُذْكَرْ اسْمُ جَدِّهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ كَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَشُرَيْحٍ وَأَمْثَالِهِمْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ النَّسَبِ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَذَكَرَ قَبِيلَتَهُ مَكَانَ جَدِّهِ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى الْقَبَائِلِ وَكَانَ فَخْذًا خَاصًّا بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ عَلَى اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ غَيْرُهُ لَا مَحَالَةَ فَذَلِكَ يَكْفِي.

وَإِنْ ذَكَرَ قَبِيلَتَهُ الْأَعْلَى فَذَلِكَ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ مَعَ ذَلِكَ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ اسْمَ الْجَدِّ إلَّا أَنَّ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بِهَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ غَيْرَهُ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَيْءٍ آخَرَ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ جَدِّهِ وَقَبِيلَتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ صِنَاعَتَهُ فَإِنْ كَانَ صِنَاعَتُهُ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَمَا يُقَالُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْخَلِيفَةُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْقَاضِي فَذَلِكَ يَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ كَانَ صِنَاعَتُهُ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْحِلْيَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحِلْيَةَ تُشْبِهُ الْحِلْيَةَ وَلَكِنْ إنْ كَتَبَ الْحِلْيَةَ فَذَلِكَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ تَعْرِيفٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ لَوْ كَتَبَ فَذَلِكَ أَوْلَى وَإِنْ كَتَبَ كُنْيَتَهُ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>