للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْتُبْ شَيْئًا آخَرَ إنْ كَانَ يُعْرَفُ بِتِلْكَ الْكُنْيَةِ لَا مَحَالَةَ فَذَلِكَ يَكْفِي وَذَلِكَ نَحْوُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمْثَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ ابْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يُعْرَفُ بِهِ لَا مَحَالَةَ كَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَذَلِكَ يَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي عِتْقَ فُلَانٍ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ أَوْ التُّرْكِيُّ عَتِيقُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ مَنْ أَعْتَقَهُ عَتِيقَ غَيْرِهِ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ عَتِيقُ فُلَانٍ التُّرْكِيِّ عَتِيقِ الْأَمِيرِ فُلَانِ بْن فُلَانٍ.

وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي مَمْلُوكَ رَجُلٍ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ أَوْ التُّرْكِيُّ مَمْلُوكُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ جِهَةَ مَوْلَاهُ هَذَا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ أَوْ يَكْتُبُ قِنُّ فُلَانٍ أَوْ عَبْدُ فُلَانٍ وَفِي الْأَمَةِ يَكْتُبُ فُلَانَةُ الْهِنْدِيَّةُ أَمَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي الْمُكَاتَبِ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ مُكَاتَبُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي الْمُكَاتَبَةِ يَكْتُبُ فُلَانَةُ الْهِنْدِيَّةُ مُكَاتَبَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ثُمَّ يَكْتُبُ فِي كِتَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِحُدُودِهَا الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الدَّارُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ فَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَيْضًا عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَعَامَّةِ أَهْلِ الشُّرُوطِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ.

وَعُلَمَاؤُنَا احْتَجُّوا بِمَا «رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ كِتَابَ شِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَلَمْ يَكْتُبْ فِيهِ وَالْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ» ؛ وَلِأَنَّهُمَا رُبَّمَا يَرْتَفِعَانِ إلَى قَاضٍ يَرَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْيَدِ لِلْبَائِعِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ لِمَا أَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَخْذًا بِقَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَكْتُبُ ذَلِكَ احْتِرَازًا عَمَّا قُلْنَا نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَكْتُبُ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ بِأَيِّ حَدٍّ يَبْدَأُ فِي الْكِتَابِ وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ يَبْدَأُ مِنْ بَابِ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ الْحَدَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ ثُمَّ يَكْتُبُ مَا يَلِي ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ يَبْدَأُ بِمَا يَلِي الْقِبْلَةَ وَنَوَاحِيهَا نَحْوِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ بِمَا يَلِي الْقِبْلَةَ وَمَا يَلِيهَا نَحْوِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهَا.

وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يُبْتَدَأُ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ الْعَدْلِ وَإِنْ تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ وَكَتَبَ كَمَا يُكْتَبُ الْيَوْمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِحُصُولِ التَّعْرِيفِ بِالتَّحْدِيدِ بِالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ فِي ذِكْرِ الْحَدِّ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ يَلِي أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَنْتَهِي لَا يَنْفِي الْفُرْجَةَ وَالْوَاسِطَةَ وَقَوْلُهُ يَلِي يَنْفِي الْوَاسِطَةَ إنْ كَانَ لَا يَنْفِي الْفُرْجَةَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى»

وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْبُ دُونَ الِاتِّصَالِ وَقِيلَ يُلَاصِقُ وَيُلَازِقُ أَوْلَى الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفُرْجَةَ وَالْوَاسِطَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فُرْجَةٌ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَاتِبَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ كَتَبَ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ لِفُلَانٍ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ لِفُلَانٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ أَنْ تَكُونَ الْفُرْجَةُ مِنْ الدَّارَيْنِ فَيَكُونَ بَعْضُهَا دَاخِلًا فِي الدَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>