للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْدَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُذْكَرَ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ خَاصٌّ أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ خَاصٌّ دَخَلَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ هَذَا اللَّفْظُ إلَى مَا وَرَاءَهُمَا مِنْ الْمَرَافِقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الدَّارِ طَرِيقٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي تَرْكِ ذِكْرِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَا يَصِيرَ بَائِعًا مَا لَا يَمْلِكُهُ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَابُ الدَّارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّرِيقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا رِوَايَةً رَوَاهَا الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الِاحْتِيَاطُ هَاهُنَا فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ وَلَكِنْ يُلْحِقُ بِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ نَافِذٌ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ يُكْتَبُ وَطَرِيقُهَا النَّافِذُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِهَا كَانَ أَوْلَى وَذِكْرُ مَسِيلِ مَائِهَا أَيْضًا وَلَمْ يُلْحَقْ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا فِي مَسِيلِ مَائِهَا عَلَى نَحْوِ مَا قَالُوا فِي الطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الدَّارِ مَسِيلُ مَاءٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَكِنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ لَا يُكْتَبُ مَسِيلُ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيُكْتَبُ مَسِيلُ مَائِهَا وَيُلْحَقُ بِآخِرِهَا مِنْ حُقُوقِهَا إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَسِيلُ الْمَاءِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيَصِيرُ بَائِعًا طَرِيقَ الْعَامَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَكُونُ مَوْضِعُ مَسِيلِ الْمَاءِ مِنْ الْمِيزَابِ مِلْكًا لَهُ فَلَوْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ مِنْ حُقُوقِهَا يُوهِمُ أَنَّ الدَّاخِلَ رَقَبَةُ الطَّرِيقِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.

وَذَكَرَ مَرَافِقَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلدَّارِ مَرَافِقَ أُخَرَ سِوَى مَسِيلِ الْمَاءِ وَالطَّرِيقِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ لَا يَدْخُلُ مَا سِوَى الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ تَحْتَ الْبَيْعِ فَيُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ مَنَافِعِ الدَّارِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْحِقْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْمَرَافِقِ الْحُقُوقَ وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَهُ فَيَكْتُبُونَ: وَمَرَافِقُهَا الَّتِي مِنْ حُقُوقِهَا فَإِنَّهُ أَحْوَطُ وَذَكَرَ أَيْضًا وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ لَا يَكْتُبُونَ أَوْ بَلْ يَكْتُبُونَ الْوَاوَ وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا قَالُوا لِأَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " لِلتَّشْكِيكِ فَيَتَنَاوَلُ أَحَدَهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً تُوقِعُهُمَا فِي الْمُنَازَعَةِ فَيُوجِبُ خَلَلًا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَارَ أَوْ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ كَتَبَ وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ؛ وَلِأَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ يُقَالُ: جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ، وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى - يُؤَيِّدُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: ١٤٧] مَعْنَى الْآيَةِ وَيَزِيدُونَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَرْفِ الْوَاوِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الشُّرُوطِ وَلَمْ يُلْحِقْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهُمَا الْحُقُوقُ، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ.

وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي الدَّارِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَفْسُدَ الْبَيْعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي الدَّارِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي أَنْ يُلْحِقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِهَا حَتَّى لَا تَدْخُلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ وَذَكَرَ أَيْضًا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْدَهُمْ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ كَانَا يَكْتُبَانِ هَكَذَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُونَ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَتَنَاوَلُ حَقًّا مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>