للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَاخِلٌ فِيهَا خَارِجٌ مِنْهَا وَالْحَقُّ الْوَاحِدُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا وَخَارِجًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا لِيَكُونَ الْحَقُّ الْمَوْصُوفُ بِالدُّخُولِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِالْخُرُوجِ وَالْمَوْصُوفُ بِالْخُرُوجِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِالدُّخُولِ وَالْوَجْهُ لِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي إعَادَةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا تَقْدِيرًا وَاعْتِبَارًا كَمَا يُقَالُ هَذَا حُرٌّ.

وَهَذَا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ، وَهَذَا حُرٌّ فَصَارَ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا أَنْ يَكْتُبَ: كُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ هَذَا وَفِنَاءَهَا، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ بِذِكْرِ الْفِنَاءِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَسْأَلَةُ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ فَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَا: الْفِنَاءُ مَمْلُوكٌ لِلْبَائِعِ أَلَا يُرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِيهِ وَأَنْ يَرْبِطَ فِيهِ دَابَّتَهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ هُمَا مَمْلُوكَانِ لَهُ فِي الْبَيْعِ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إنَّ الْفِنَاءَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْحَفْرِ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَا فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْعَامَّةِ فَيَصِيرُ كَالْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الثَّمَنَ فَقَالَ بِكَذَا وَاعْلَمْ بِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ النُّقُودِ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ أَوْ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ نَحْوِ الزَّعْفَرَانِ وَالْحَرِيرِ وَالْقُطْنِ وَسَائِرِ الْوَزْنِيَّاتِ فَإِنْ كَانَ مِنْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُكْتَبُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَيُكْتَبُ نَوْعُهَا أَنَّهَا فِضَّةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ شَابَهَا النُّحَاسُ أَوْ الرَّصَاصُ دَرَاهِمَ غَلَّةٍ أَوْ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ وَيُكْتَبُ صِفَتُهَا أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ يُذْكَرُ قَدْرُهَا أَنَّهَا كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَزْنُهُ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ أَيْ بِوَزْنِ كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَمُطْلَقُ الْبَيْعِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَقُودُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً وَلَا صَرْفَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَيَّ النَّوْعَيْنِ شَاءَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ لِلْكَاتِبِ مِنْ أَنْ يَكْتُبَ أَحَدَهُمَا وَيَكْتُبَ قَدْرَهُ وَوَزْنَهُ.

وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا أَنَّ لِلْبَعْضِ صَرْفًا عَلَى الْبَعْضِ كَمَا كَانَتْ الْغِطْرِيفِيَّةُ وَالْعَدْلِيَّةُ قَبْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَحَدِهِمَا فَيَكْتُبُ الْكَاتِبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَيَكْتُبُ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ وَوَزْنَهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ النُّقُودِ أَرْوَجَ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ صِفَتِهِ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ قَدْرِهِ وَوَزْنِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الدَّنَانِيرِ يَكْتُبُ كَذَا كَذَا دِينَارًا أَوْ يَكْتُبُ أَنَّهَا بُخَارِيَّةٌ أَوْ نَيْسَابُورِيَّةٌ أَوْ هَرَوِيَّةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ أَنَّهَا مُنَاصَفَةٌ أَوْ قِرَاضَاتٌ أَوْ صِحَاحٌ لَا كُسُورَ فِيهَا وَيَكْتُبُ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ زَيْفٌ وَيَكْتُبُ: قَدْرُهَا كَذَا دِينَارًا وَيَكْتُبُ كَيْفِيَّةَ وَزْنِهَا أَنَّهَا مَوْزُونَةٌ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ أَوْ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ خُوَارِزْمَ أَوْ سَمَرْقَنْدَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَثَاقِيلَ فِي الْبَلَدَانِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا خَالِصًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَةً يَكْتُبُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَالْوَزْنَ لَا مَحَالَةَ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَكِنْ لَا يَذْكُرُ فِيهِ اسْمَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى غَيْرِ الْمَضْرُوبِ فَيَكْتُبُ فِي الذَّهَبِ كَذَا مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ الْأَحْمَرِ الْجَيِّدِ الْخَالِي عَنْ الْغِشِّ.

وَإِنْ كَانَ فِي الذَّهَبِ غِشٌّ يُبَيِّنُ ذَلِكَ فَيُقَالُ (دهدهي) أَوْ (دمنهي) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الْفِضَّةِ كَذَا (درم سنج) مِنْ النَّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْخَالِصَةِ عَنْ الْغِشِّ وَيَكْتُبُ مَعَ ذَلِكَ طمغا جى أَوْ نَقْرَةَ كليجة؛ لِأَنَّهَا تَتَنَوَّعُ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>