للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى قَتْلِ الْعَبْدِ عَمْدًا) شَهِدَ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِنَا ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَهُ التُّرْكِيَّ الْمُسَمَّى فُلَانًا أَوْ الْهِنْدِيَّ أَوْ أَمَتَهُ الرُّومِيَّةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِيًا عَدْلًا جَائِزَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَضَى لَهُ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ فِي قَتْلِهِ هَذَا الْعَبْدَ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يَكُونُ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى الْقِصَاصَ عَلَى الْحُرِّ بِقَتْلِ عَبْدِ الْغَيْرِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْقِصَاصَ بِدَعْوَاهُ هَذِهِ فَسَأَلَ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَصَالَحَهُ إلَى آخِرِهِ وَيُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِيَصِحَّ دَعْوَى الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَذْكُرُ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِجَوَازِهِ لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ إقْرَارِهِ وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ يَدَّعِي قِبَلَ رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ عَمْدًا وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَصَالَحَهُ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ وَنَجَّمَهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ كَذَلِكَ إذَا صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ يَجُوزُ إلَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ.

وَقَدْ مَرَّ هَذَا، قَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا لِفُلَانٍ - يَعْنِي وَلِيَّ الْقَتِيلِ - مِنْ فُلَانٍ - يَعْنِي الْقَاتِلَ - يَكْتُبُ إنِّي قَتَلْتُ أَخَاكَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَيَكْتُبُ أَنْتَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُكَ وَأَنَّكَ صَالَحْتَنِي عَنْ دَمِ أَخِيكَ عَلَى كَذَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَإِذَا كَانَ الْقِصَاصُ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ) فَصُلْحُ الْكِبَارِ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فُلَانٌ الْكَبِيرُ يَمْلِكُ الِاسْتِيفَاءَ فَيَمْلِكُ الصُّلْحَ.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِأَنَّهُ يَصِحُّ صُلْحُهُ فِي نَفْسِهِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الصِّغَارِ الْبَاقِينَ مَالًا فَإِنْ كَتَبَ الصُّلْحَ فِي ذَلِكَ يَكْتُبُ الصُّلْحَ عَنْ الْكَبِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُمَا يَكْتُبُ كِتَابَ الصُّلْحِ فِي نَصِيبِ الْكَبِيرِ لَا غَيْرُ وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ نَصِيبَ الصِّغَارِ صَارَ مَالًا بِالْعَفْوِ.

وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَا وَلِيٌّ لَهُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَمِهِ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فَيَمْلِكُ الْإِسْقَاطَ بِالصُّلْحِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْإِمَامُ كَالْوَصِيِّ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ الصُّلْحَ وَكَذَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا كَتَبَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

(الصُّلْحُ عَنْ الْعَيْبِ فِي الْمُشْتَرِي) شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا: أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَقَرَّا طَائِعَيْنِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ هَذَا الْغُلَامَ الَّذِي يُدْعَى فُلَانًا وَهُوَ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَوَقَعَ التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ هَذَا الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ كَذَا بِهَذَا الْغُلَامِ وَلَمْ يَكُنْ رَأَى هَذَا الْعَيْبَ وَلَا أَبْرَأَ الْبَائِعَ عَنْ عُيُوبِهِ وَخَاصَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَدِّ هَذَا الْغُلَامِ عَلَيْهِ بِهَذَا الْعَيْبِ وَأَقَرَّ لَهُ هَذَا الْبَائِعُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ عَلَى هَذَا وَوَقَفَا عَلَى حِصَّةِ هَذَا الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَهُوَ كَذَا وَأَنَّهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ اصْطَلَحَا مِنْ هَذَا الْعَيْبِ عَلَى كَذَا مِنْ الثَّمَنِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُهُ هَذَا الْبَائِعُ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ هَذَا الْمُشْتَرِي عَنْ هَذَا الْعَيْبِ فَفَعَلَا ذَلِكَ وَاصْطَلَحَا صُلْحًا صَحِيحًا وَقَبَضَ هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْبَائِعِ هَذَا الْبَدَلَ وَأَبْرَأَهُ وَتَفَرَّقَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيَكْتُبُ لَهُمَا نُسْخَتَيْنِ.

. (الصُّلْحُ عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ خُلْطَةٌ وَأَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَاصِلًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ فَسَأَلَهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى كَذَا فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ مُوَاجَهَةً، وَيُتِمّ الْكِتَابَ عَلَى مَا مَرَّ فِي مِثْلِهِ وَيُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَنَا يَجُوزُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>