للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَتِهِ.

قُلْت: أَرَأَيْت هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْمُرَاهِقُ، وَخُنْثَى مِثْلُهُ مُشْكِلٌ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا رَجُلٌ وَالْآخَرَ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: إذَا عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُمَا؛ لِجَوَازِ أَنَّهُمَا ذَكَرَانِ فَيَكُونُ هَذَا ذَكَرًا تَزَوَّجَ بِذَكَرٍ فَيَكُونُ النِّكَاحُ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا أُنْثَيَيْنِ فَيَكُونُ النِّكَاحُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَيَكُونُ النِّكَاحُ جَائِزًا، فَإِذَا كَانَا مُشْكِلَيْنِ لَا يُدْرَى حَالُهُمَا يَكُونُ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ حَالُهُمَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَزُولَ الْإِشْكَالُ لَمْ يَتَوَارَثَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّبَيُّنِ النِّكَاحُ مَوْقُوفٌ وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ لَا يُسْتَفَادُ الْإِرْثُ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُشْكِلٌ أَجَزْت النِّكَاحَ إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ هُمَا اللَّذَانِ زَوَّجَا؛ لِأَنَّ أَبَا الزَّوْجِ مِنْهُمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ رَجُلٌ وَأَبَا الْمَرْأَةِ مِنْهَا أَخْبَرَ أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَخَبَرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْبُولٌ شَرْعًا مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَا بَعْدَ الْأَبَوَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الزَّوْجُ وَأَنَّ الْآخَرَ هِيَ الزَّوْجَةُ لَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قُلْت: فَإِنْ جَاءَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى فَقَضَيْت بِهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى؟ قَالَ: أُبْطِلُ الْبَيِّنَةَ الْأُخْرَى وَالْقَضَاءُ الْأَوَّلُ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَبَّلَ هَذَا الْخُنْثَى بِشَهْوَةٍ لَيْسَ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

(نَوْعٌ آخَرُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ قَذَفَ الْخُنْثَى رَجُلًا فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاذِفُ هُوَ الْخُنْثَى فَلِأَنَّهُ مَرْفُوعُ الْقَلَمِ؛ لِأَنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ صَبِيَّةٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاذِفُ رَجُلًا آخَرَ فَلِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنٍ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ مِنْ أَحَدِ شُرُوطِ إحْصَانِ الْقَذْفِ كَالْإِسْلَامِ وَإِنْ قَذَفَ الْخُنْثَى بَعْدَ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَقَذَفَ الْخُنْثَى رَجُلًا أَوْ قَذَفَهُ رَجُلٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: أَرَادَ بِهَذَا التَّسْوِيَةَ فِي حَقِّ قَذْفِ الْخُنْثَى، وَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْخُنْثَى لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مُشْكِلًا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى وَإِنْ صَارَ مُحْصَنًا بِالْبُلُوغِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْأُنُوثَةِ أَوْ الذُّكُورَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا وَأَنْ يَكُونَ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ الرَّتْقَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجَامَعُ وَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا مَجْبُوبًا أَوْ امْرَأَةً رَتْقَاءَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهَذَا التَّسْوِيَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى هُوَ الْقَاذِفُ، وَإِذَا كَانَ الْخُنْثَى هُوَ الْقَاذِفُ وَقَذَفَ رَجُلًا قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُوبٌ بَالِغٌ أَوْ رَتْقَاءُ بَالِغَةٌ وَالْمَجْبُوبُ الْبَالِغُ أَوْ الرَّتْقَاءُ الْبَالِغَةُ إذَا قَذَفَ إنْسَانًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ بَعْدَمَا يُدْرِكُ؟ قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ سُرِقَ مِنْهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً مِنْ حِرْزٍ يَقْطَعُ يَدَ السَّارِقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قُلْت: أَرَأَيْت هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>