للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَمِينِهِ وَلَوْ مَضَغَهُ وَابْتَلَعَهُ كَذَلِكَ يَصِيرُ آكِلًا بِابْتِلَاعِ الْقِشْرِ وَالْحِصْرِمِ لَا بِابْتِلَاعِ الْمَاءِ.

وَفِي الْعُيُونِ قَالَ: إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعِنَبَ وَلَاكَهُ وَرَمَى بِقِشْرِهِ وَحِصْرِمِهِ وَابْتَلَعَ مَاءَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ رَمَى بِقِشْرِهِ وَابْتَلَعَ مَاءَهُ وَحَبَّهُ حَنِثَ وَعَلَّلَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَقَعَاتِهِ فَقَالَ: لِأَنَّ الْعِنَبَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَكَلَ الْأَقَلَّ فَلَا يَكُونُ أُكُلًا لِلْعِنَبِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَكَلَ الْأَكْثَرَ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً فَأَكَلَ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا أَوْ رُطَبًا لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: بِقَوْلِهِمَا نَأْخُذُ لِلْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ ثُمَّ الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا نَوَاهَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.

وَالتِّينُ وَالْمِشْمِشُ وَالتُّفَّاحُ وَالْخَوْخُ وَالْفُسْتُقُ وَالْإِجَّاصُ وَالْعُنَّابُ وَالْكُمَّثْرَى وَالسَّفَرْجَلُ فَاكِهَةٌ إجْمَاعًا رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا وَنَيِّئُهَا وَنَضِيجُهَا إلَّا الْخِيَارَ وَالْقِثَّاءَ وَالْجَزَرَ بِالْإِجْمَاعِ.

وَالتُّوتُ فَاكِهَةٌ وَعَدَّ الْإِمَامُ الْقُدُورِيُّ الْبِطِّيخَ مِنْ الْفَوَاكِهِ وَلَمْ يَعُدَّهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ مِنْهَا قَالَ الْإِمَامُ: السِّمْسِمُ وَالْبَاقِلَاءُ لَيْسَا مِنْ الثِّمَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يُعَدُّ فَاكِهَةً عُرْفًا وَيُؤْكَلُ تَفَكُّهًا فَهُوَ فَاكِهَةٌ وَمَا لَا فَلَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَاللَّوْزُ وَالْجَوْزُ فَاكِهَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ قَالُوا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بُسْرِ السُّكْرِ وَالْبُسْرُ الْأَحْمَرُ فَاكِهَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَحَبُّ الرُّمَّانِ إذَا يَبِسَ لَا يَكُونُ فَاكِهَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ فَاكِهَةِ الْعَامِ فَإِنْ كَانَ فِي أَيَّامِ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ فَهُوَ عَلَى الرَّطْبِ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْيَابِسِ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الرَّطْبِ فَهُوَ عَلَى الْيَابِسِ اسْتِحْسَانًا وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

مَنْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ فَكُلُّ شَيْءٍ اصْطَبَغَ بِهِ فَهُوَ إدَامٌ كَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَاللَّبَنِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْمَرَقِ وَالْمِلْحِ مَا لَمْ يَصْبُغْ الْخُبْزَ مِمَّا لَهُ جِرْمٌ كَجِرْمِ الْخُبْزِ وَهُوَ يَحْنَثُ يُؤْكَلُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِإِدَامٍ كَاللَّحْمِ وَالْبِيضِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ الْقَلَانِسِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُصْبَغُ بِهِ كَالْخَلِّ وَمَا ذَكَرْنَا إدَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا يُؤْكَلُ وَحْدَهُ غَالِبًا كَالْبِطِّيخِ وَالْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَأَمْثَالُهَا لَيْسَ إدَامًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْعِنَبِ أَمَّا الْبُقُولُ فَلَيْسَتْ بِإِدَامٍ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى فَعَلَى مَا نَوَى إجْمَاعًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَاكِهَةُ لَيْسَتْ بِإِدَامٍ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَوَرِثَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَأَكَلَهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَقَبِلَ فَأَكَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَاشْتَرَى شَيْئًا الْحَالِفُ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ وُهِبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْحَالِفِ وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَاكْتَسَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَالًا وَمَاتَ وَوَرِثَهُ رَجُلٌ فَأَكَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَهُ الْحَالِفُ فَأَكَلَ يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ بِشِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِيرَاثِ فُلَانٍ شَيْئًا فَمَاتَ فُلَانٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>