للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يُكْرِهْهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرٍ هَكَذَا فِي السِّيَرِ الصَّغِيرِ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَهُ أَنْ يُكْرِهَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَضْلُ حُمُولَةٍ وَلَكِنْ مَعَ الْبَعْضِ مِنْهُمْ فَضْلُ حُمُولَةٍ إنْ طَابَتْ نَفْسُ الْمَالِكِ بِأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا بِأَجْرٍ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَطِبْ عَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ لَا يُكْرِهُهُ، وَعَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ يُكْرِهُهُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَيَأْكُلُونَ مَا وَجَدُوهُ مِنْ الطَّعَامِ، وَهَذَا كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَالْخَلِّ، وَيَدْهُنُونَ بِالدُّهْنِ الْمَأْكُولِ مِثْلَ السَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَالْخَلِّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْهُنَ بِهِ وَيُوقِحَ بِهِ دَابَّتَهُ، وَمَا لَا يُؤْكَلْ مِنْ الْأَدْهَانِ مِثْلَ الْبَنَفْسَجِ وَالْخَيْرِيِّ وَهُوَ دُهْنُ الْوَرْدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْهِنَ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يُؤْكَلُ، وَلَا يُشْرَبُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ الْجَيْشِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ دَخَلَ التُّجَّارُ مَعَ الْعَسْكَرِ لَا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، وَلَا يَعْلِفُوا دَوَابَّهُمْ إلَّا بِالثَّمَنِ، فَإِنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ.

أَمَّا الْعَسْكَرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُطْعِمُوا عَبِيدَهُمْ إذَا دَخَلُوا مَعَهُمْ لِيُعِينُوهُمْ عَلَى سَفَرِهِمْ، وَكَذَلِكَ نِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْخِدْمَةِ، فَلَا يَأْكُلُ وَإِذَا دَخَلَتْ النِّسَاءُ لِمُدَاوَاةِ الْمَرْضَى وَالْجَرْحَى أَكَلْنَ وَعَلَفْنَ وَأَطْعَمْنَ رَقِيقَهُنَّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَا فَرْقَ فِي الطَّعَامِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ حَتَّى يَجُوزَ لَهُمْ ذَبْحُ الْمَوَاشِي مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْجَزُورِ، وَيَرُدُّونَ جُلُودَهَا فِي الْغَنِيمَةِ، كَذَا أَكْلُ الْحُبُوبِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ مَأْكُولٌ عَادَةً، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْغَنِيمَةُ أَوْ يُرْضَخُ مِنْهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَلَا يُطْعَمُ الْأَجِيرُ، وَلَا التَّاجِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُبْزًا لِحِنْطَةٍ أَوْ طَبِيخَ اللَّحْمِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

إذَا أَخَذَ الْعَسْكَرُ الْعَلَفَ لِأَجْلِ دَوَابِّهِمْ وَالطَّعَامَ لِمَأْكَلِهِمْ وَالْحَطَبَ لِلِاسْتِعْمَالِ وَالدُّهْنَ لِلِادِّهَانِ وَالسِّلَاحَ لِلْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ تَمَوُّلُهُمْ وَهُوَ صِيَانَةُ ذَلِكَ وَادِّخَارُهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ بَاعُوا رَدُّوا الثَّمَنَ إلَى الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

وَإِنْ أَصَابُوا سِمْسِمًا أَوْ بَصَلًا أَوْ بَقْلًا أَوْ فِلْفِلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُؤْكَلُ عَادَةً لِلتَّعَيُّشِ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلُوا شَيْئًا مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالطِّيبِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْهَهُمْ الْإِمَامُ عَنْ الِانْتِفَاع بِالْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ، وَأَمَّا إذَا نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُبَاحُ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِذَا احْتَاجُوا إلَى الْوُقُودِ إمَّا لِلطَّبْخِ أَوْ لِلِاصْطِلَاءِ لِبَرْدٍ أَصَابَهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُوقِدَ مَا وَجَدَ مِنْ خَشَبِهِمْ وَقَصَبِهِمْ إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلْوَقُودِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَدٍّ لِذَلِكَ بَلْ هُوَ مُعَدٌّ لِاِتِّخَاذِ الْقِصَاعِ وَالْأَقْدَاحِ، وَلَهُ قِيمَةٌ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الدَّابَّةَ الْحِنْطَةَ إذَا كَانَ لَا يَجِدُ الشَّعِيرَ وَإِنْ وَجَدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ صَابُونًا أَوْ حَرَضَا مُحَرَّزًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرَضُ نَابِتًا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إنْ كَانَ لِلْمَأْخُوذِ قِيمَةٌ لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ جَازَ الِانْتِفَاعُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْتَلِفَ لَهُ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ إلَى بَعْضِ الْمَطَامِيرِ، وَأَتَاهُ بِالْعَلَفِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: بَدَا لِي أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا، وَلَكِنِّي آخُذُهُ لِنَفْسِي وَأَرُدُّ عَلَيْك أَجْرَكَ وَأَبَى الْمُسْتَأْجِرُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّهُ جَاءَ لَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَيْهِ أَوْ غَنِيَّيْنِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَا الْأَجِيرُ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَنِيًّا عَنْهُ، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا أَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْتَشَّ لَهُ حَشِيشًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>