للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ غَنِيًّا عَنْهُ، وَالْأَجِيرُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ احْتَشَّهُ لَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِنْ أَصَابُوا شَجَرًا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَأَخَذُوا مِنْهُ خَشَبًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعُوا إلَّا لِلْوَقُودِ لِطَبْخِ الْمَطْعُومِ أَوْ لِاصْطِلَاءٍ بِهِ لِبَرْدٍ أَصَابَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَكِنْ أَحْدَثُوا فِيهِ صَنْعَةً صَارَ لَهُ قِيمَةً بِسَبَبِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ، فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَإِنْ خَرَجُوا بِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَرَادَ الْإِمَامُ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ الْمَعْمُولِ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ الْإِمَامُ الْقِسْمَةَ فِيهِ، فَالْإِمَامُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَصْنُوعَ مِنْهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا زَادَتْ الصَّنْعَةُ فِيهِ وَيَرُدُّ الْمَصْنُوعَ إلَى الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَ وَقَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِ مَعْمُولًا، وَغَيْرَ مَعْمُولٍ فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الْعَمَلِ يُعْطَى الْعَامِلَ وَمَا أَصَابَ غَيْرَ الْمَعْمُولِ يُرَدُّ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْغَانِمِينَ بِمَا أَحْدَثُوا مِنْ الصَّنْعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا فِي دَارِ الْحَرْبِ سُلِّمَ لَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا أَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْجُنْدِ فِي دَارٍ طَعَامًا كَثِيرًا، فَاسْتَغْنَى عَنْ بَعْضِهِ، وَأَرَادَ حَمْلَهُ إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، وَطَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْضُ الْمَحَاوِيجِ مَكَّنَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ طَعَامًا، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ هَذَا الطَّالِبِ وَيَسْتَصْحِبَهُ مَعَ نَفْسِهِ إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، وَإِلَّا، فَلَا يَحِلُّ لَهُ مَنْعُهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ الطَّالِبُ مِنْهُ مَعَ حَاجَةِ الْأَوَّلِ إلَى ذَلِكَ، فَخَاصَمَهُ الْأَوَّلُ إلَى الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ، وَقَدْ عَرَفَ الْإِمَامُ حَاجَةَ الْأَوَّلِ إلَى ذَلِكَ رَدَّهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُحْتَاجًا إلَيْهِ دُونَ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ الْإِمَامُ، أَمَّا إذَا كَانَا غَنِيَّيْنِ عَنْهُ فَالْإِمَامُ يَأْخُذُهُ مِنْ الثَّانِي، وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ يَدْفَعُهُ إلَى غَيْرِهِمَا، وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَا يَكُونُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَالنُّزُولِ فِي الرِّبَاطَاتِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَالنُّزُولِ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ لِلْحَجِّ حَتَّى إذَا أَخَذَ مَوْضِعًا مِنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِذَا بَسَطَ إنْسَانٌ حَصِيرًا إنْ بَسَطَهُ بِأَمْرِ غَيْرِهِ، فَهُوَ وَمَا لَوْ بَسَطَهُ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ بُسِطَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ لِلَّذِي بَسَطَ أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مَنْ شَاءَ، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ رَجُلٌ فُسْطَاطًا فِي مَكَانٍ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ يَنْزِلُ فِيهِ غَيْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَاَلَّذِي بَدَرَ إلَى ذَلِكَ الْمَنْزِلِ أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَنْهُ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَوْضِعًا وَاسِعًا فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نَاحِيَةً هُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، فَيَنْزِلُهَا مَعَهُ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ، فَأَرَادَ الَّذِي بَدَرَ إلَيْهِ أَيْ سَبَقَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ بَدَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا، فَنَزَلَهُ، فَأَرَادَ الَّذِي كَانَ أَخَذَهُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ عَنْهُ غَنِيٌّ أَنْ يُزْعِجَهُ عَنْهُ، وَيُنْزِلَهُ مُحْتَاجًا آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا كُنْتُ أَخَذْتُهُ لِهَذَا الْآخَرِ بِأَمْرِهِ لَا لِنَفْسِي اُسْتُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَبَعْدَ الْحَلِفِ لَهُ أَنْ يُزْعِجَهُ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ إذَا قَالَ أَخَذْتُهُ لِفُلَانٍ بِأَمْرِهِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ أَصَابَ أَحَدُهُمَا شَعِيرًا وَالْآخَرُ قَصَبًا فَتَبَادَلَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَاجٌ إلَى مَا اشْتَرَى فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَنَاوَلَ مَا اشْتَرَى مِنْ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ هَذَا بَيْعٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُصِيبَ مِنْ الْعَلَفِ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ إلَّا أَنَّ قِيَامَ حَاجَةِ صَاحِبِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِصَابَةِ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَسْتَرْضِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِهَذِهِ الْمُبَايَعَةِ، ثُمَّ يَتَنَاوَلُ بِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأَضْيَافِ عَلَى الْمَائِدَةِ يُمْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَضْيَافِ مِنْ مَدِّ يَدِهِ إلَى مَا بَيْنَ يَدَيْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، فَبَعْدَ وُجُودِ الرِّضَا مِنْ صَاحِبِهِ يَتَنَاوَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِ الْمُضِيفِ بِاعْتِبَارِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَاجًا إلَى مَا أَعْطَاهُ صَاحِبُهُ وَصَاحِبُهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ مَا صَنَعَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُحْتَاجًا إلَى مَا أَعْطَاهُ وَالْمُشْتَرِي يَسْتَغْنِي عَنْهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَى وَيَرُدَّ مَا أَخَذَ، فَإِنْ كَانَ حِينَ قَصَدَ الْبَائِعُ الِاسْتِرْدَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>