للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُرْسَانِ بِهَذَا الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ، فَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمُسْتَعِيرُ سَهْمَ الْفُرْسَانِ بِهَذَا الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ أَدَّى أَنْ يَسْتَحِقَّ رَجُلَانِ مِنْ غَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ فَرَسٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا كَامِلًا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى فَرَسًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى دَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَرَسَ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي رَاجِلَانِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ كَانَ حَالًّا إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي نَقَدَهُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ وَدَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَرَسَ، فَالْمُشْتَرِي فَارِسٌ اسْتِحْسَانًا.

وَلَوْ دَخَلَ رَجُلَانِ بِفَرَسٍ بَيْنَهُمَا دَارَ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ هَذَا تَارَةً وَشَرِيكُهُ أُخْرَى فَهُمَا رَاجِلَانِ، كَذَلِكَ إذَا دَخَلَا بِفَرَسَيْنِ كُلُّ فَرَسٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُمَا رَاجِلَانِ إلَّا إذَا أَجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ قَبْلَ دُخُولِهِمَا دَارَ الْحَرْبِ، فَحِينَئِذٍ الْمُسْتَأْجِرُ فَارِسٌ وَإِنْ طَيَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ أَيَّ الْفَرَسَيْنِ شَاءَ نُظِرَ إنْ كَانَ هَذَا التَّطَيُّبُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، فَهُمَا فَارِسَانِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، فَهُمَا رَاجِلَانِ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى التَّهَايُؤِ عَلَى الرُّكُوبِ لِأَجْلِ الْقِتَالِ، وَأَمَّا التَّهَايُؤُ لَا لِأَجْلِ الْقِتَالِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ إنْ اصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا أَمْضَاهُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَا يُسْهَمُ لِمَمْلُوكٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا ذِمِّيٍّ، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى الْإِمَامُ.

وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ الْعَبْدُ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ وَالْمَرْأَةُ يُرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَمْ يُقَاتِلْ إلَّا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّهْمِ فِي الدَّلَالَةِ إذَا كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَا يَبْلُغُ بِهَا السَّهْمَ إذَا قَاتَلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. .

وَالْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ، وَالْمَعْتُوهُ إذَا قَاتَلَا يُرْضَخُ لَهُمَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، ثُمَّ الرَّضْخُ عِنْدَنَا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْل إخْرَاجِ الْخُمُسِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

أَمَّا الْخُمُسُ، فَيُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ يَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى وَيُقَدَّمُونَ، وَلَا يُدْفَعُ إلَى أَغْنِيَائِهِمْ، فَأَمَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخُمُسِ، فَإِنَّهُ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ وَسَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَقَطَ بِمَوْتِهِ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ وَالصَّفِيُّ شَيْءٌ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْطَفِيه لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِثْلَ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ جَارِيَةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ صَرَفَ الْخُمُسَ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ الْغَنَائِمُ رَقِيقًا وَمَتَاعًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ فَأَعْطَى بَعْضَهُمْ رُءُوسًا وَبَعْضَهُمْ دَوَابَّ وَبَعْضَهُمْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَبَعْضَهُمْ خَيْلًا أَوْ سِلَاحًا عَلَى سِهَامِ الْخَيْلِ وَالرَّجَّالَةِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ فَعَلَ بِرِضَا الْغَانِمِينَ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

وَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ، وَأَخَذَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ، وَتَفَرَّقَ الْجُنْدُ، ثُمَّ إنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي أَصَابَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ ادَّعَتْ أَنَّهَا جَارِيَةً حُرَّةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَبَاهَا الْمُشْرِكُونَ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَالْإِمَامُ يَقْضِي بِحُرِّيَّتِهَا، وَإِذَا قَضَى الْإِمَامُ بِحُرِّيَّتِهَا هَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟ وَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُنْقَضُ إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ قَلِيلًا بِأَنْ كَانَ جَارِيَةً أَوْ جَارِيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَقَدْ تَفَرَّقَ الْجُنْدُ إلَى مَنَازِلِهِمْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَفَرَّقْ الْجُنْدُ إلَى مَنَازِلِهِمْ أَوْ تَفَرَّقُوا إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ كَانَ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْجُنْدِ، وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ، فَتَفَرَّقُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مَعَهُمْ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ، وَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ.

فَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُنْقَضُ، وَيُعَوَّضُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قِيمَةَ نَصِيبَهُ وَإِذَا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>