للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذَ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الْغَاصِبِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَاسْتَحْلَفَ الْغَاصِبَ فَحَلَفَ، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَمَا قَالَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ، فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى الْغَاصِبِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْعَبْدَ، ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ مَتَى أَخَذَ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي يَدِ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ يَتَخَيَّرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِثْلَ مَا قَالَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَقَلَّ هَلْ يَتَخَيَّرُ؟ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رِوَايَةٍ: يَتَخَيَّرُ وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَتَخَيَّرُ، ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ: أَنَا أَمْسِكُ الْقِيمَةَ وَأَرْجِعُ بِمَا فَضُلَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ يَوْمَ ظَهَرَ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَأَخْذُ الْعَبْدِ أَوْ إمْسَاكُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْعَيْنُ الْمُحْرَزَةُ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَوْدِعٍ هَلْ لَهُ الْمُخَاصِمَةُ وَالِاسْتِرْدَادُ أَوْ لَا؟ قَالُوا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُخَاصِمَ فِي الْمَغْنُومِ، وَيَأْخُذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَوْدَعُ، فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَادَ الْعَبْدُ إلَى الْإِجَارَةِ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْأُجْرَةُ فِي مُدَّةِ أَسْرِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَإِنْ جَحَدَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْسُورُ إجَارَةً عِنْدَهُ احْتَاجَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إجَارَةً فِي يَدِهِ وَإِذَا قَبِلَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الْآجِرُ فَأَنْكَرَ الْإِجَارَةَ فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَبْدِ، فَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَيْضًا، فَإِنْ أَنْكَرَ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَنَّ الْمَأْسُورَ كَانَ إجَارَةً عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِجَارَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِهَا، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُسْتَأْجِرِ مُسْتَعِيرٌ أَوْ مُسْتَوْدَعٌ، وَقَدْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمَأْسُورَ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْسُورَ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِالْقِيمَةِ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْسُورَ لِلْيَتِيمِ بِالثَّمَنِ مِنْ مُشْتَرِيهِ، وَلَا يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ قَالُوا: وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ مِثْلَ قِيمَتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ، وَاشْتَرَاهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ امْرَأَةً، ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْلَى الْأَوَّلُ أَخَذَ إنْ شَاءَ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ، ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهَا هَذَا الْعَبْدَ بِالْمَهْرِ الَّذِي وَجَبَ لَهَا قِيلَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ إنْ شِئْتَ فَخُذْهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ دَعْ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَعْوَى قَبْلَ الْمُشْتَرِي فِي دَارٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الدَّعْوَى فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَخَذَهُ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الدَّعْوَى، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُصَالِحِ.

عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَخَرَجَ هَارِبًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ جَاءَ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ، أَوَمَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ صَارَ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ، وَيَرْفَعُ خُمُسَهُ وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ رَجَعَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ: إذَا أَخَذَهُ، فَهُوَ غَنِيمَةُ آخِذِهِ وَأُخْمِسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى، وَأَجْعَلُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ وَالْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِلْآخِذِ، فَإِنْ جَاءَ مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ جَاءَ مَوْلَاهُ قَبْلَ أَنْ يُخَمِّسَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ.

عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ سَبَاهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ الْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمُوهُ جَازَ عِتْقُهُ

حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>