للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، فَسَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ طَعَامًا أَوْ مَتَاعًا، وَدَخَلَ بِهِ أَرْضُ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ كَانَ ضَامِنًا لَهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَكُونُ مُحْرِزًا لَهُ بِإِدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَلَوْ أَوْدَعَ مُسْلِمٌ عِنْدَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنِ مَالًا، وَذَهَبَ بِهَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ مُحْرِزٌ بِهَا، وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَوْ صَارَ ذِمَّةً، فَهِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

حَرْبِيٌّ يَدْخُلُ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ عَبْدٌ قَدْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ.

بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْإِمْلَاءِ الْأَمَةُ الْمَأْسُورَةُ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْلِمٌ أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ مَوْلَاهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ اتَّبَعَهَا مَا كَانَ فِي عُنُقِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ قَبْلَ السَّبْيِ، وَرَدَّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ إنْ وَجَدَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ عَيْبِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا عَلَى الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ عَيْبٌ فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ أَوْ فِي يَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ اتَّبَعَهَا الدَّيْنُ، وَلَا يَتَّبِعُهَا الْجِنَايَةُ، وَلَا يَرُدُّهَا عَلَى بَائِعِهَا الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَيَرُدُّهَا عَلَى الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ مِنْ يَدِ الَّذِي أَخَذَهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِالْحُكْمِ رَدَّهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا هَذَا الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حُكْمٍ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِبَيِّنَةٍ بِمَا أَخَذَهَا بِهِ، وَيَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَلَى بَائِعِهِ فِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهَا الَّذِي أَخَذَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ بِالثَّمَنِ أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ عِتْقَهُ إذَا اسْتَحَقَّهَا هَذَا الْمُسْتَحِقُّ، وَيُرَدُّ الْوَلَدُ رَقِيقًا فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ. .

وَلَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ أَسَرَهُمَا أَهْلُ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِالْحِصَّةِ وَيَتْرُكَ الْآخَرَ

ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَسَرَ الْمُشْرِكُونَ عَبْدَهُ، فَأَمَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ لَهُ فَاسْتَوْهَبَهُ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ لِمَوْلَاهُ فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ مِنْهُمْ، وَهُوَ مُسْلِمٌ بِخَمْرٍ، فَهُوَ لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ هِبَةٌ مِنْهُمْ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ الْمَالِكَ عَلِمَ بِإِخْرَاجِ مَمْلُوكِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَلَمْ يَطْلُبُ شَهْرًا لَا يَسْقُطْ حَقُّهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَسْقُطُ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى الْمَأْسُورُ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ.

لَوْ أَسَرَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا لِمُسْلِمٍ، فَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَأَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ عَتَقُوا جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَسَرُوهُ ثَانِيًا، فَوَهَبُوهُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي أُسِرَ مِنْ يَدِهِ فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ هَذَا بِالْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا

بِشْرٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا، فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَوَجَدَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى.

وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَسَرَ الْمُشْرِكُونَ عَبْدًا لِصَغِيرٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَسَلَّمَ أَبُوهُ فَكَبُرَ الصَّغِيرُ قَالَ: هُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا أَهْلُ الْحَرْبِ بِالْغَلَبَةِ أَحْرَارَنَا وَمُدَبَّرِينَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>