فِيهِ، وَلَا أَنْ يُخْرِجُوا الصَّلِيبَ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ، وَلَوْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَةِ الزَّبُورِ وَالْإِنْجِيلِ إنْ كَانَ فِيهِ إظْهَارُ الشِّرْكِ مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ إظْهَارُ الشِّرْكِ لَا يُمْنَعُونَ، وَيُمْنَعُونَ عَنْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا عَنْ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ، وَعَنْ إظْهَارِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِي الْمِصْرِ وَمَا كَانَ فِي فِنَاءِ الْمِصْرِ، وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الصَّلِيبِ وَضَرْبِ النَّاقُوسِ إذَا جَاوَزُوا أَفْنِيَةَ الْمِصْرِ، وَفِي كُلِّ قَرْيَةٍ، أَوْ مَوْضِعٍ لَيْسَ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْكُنُونَ فِيهَا كَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ: وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ: إنَّمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ فِي قُرَاهُمْ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ ثَمَّةَ عَامَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالرَّوَافِضُ أَمَّا فِي دِيَارِنَا فَيُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْقُرَى كَمَا يُمْنَعُونَ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ ذَلِكَ وَإِحْدَاثِهِ فِي الْقُرَى عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فَإِنْ أَظْهَرُوا فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا لَمْ يُصَالَحُوا عَلَيْهِ مِثْلَ الزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ وَالْمَزَامِيرِ وَالطُّبُولِ وَالْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ وَالنَّوْحِ وَاللَّعِبِ بِالْحَمَّامِ مُنِعُوا مِنْهُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ وَفِي التَّجْرِيدِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِمْ فِي مَنْزِلِهِمْ، وَلَا يَأْخُذُوا شَيْئًا مِنْ دُورِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ إلَّا بِتَمْلِيكٍ مِنْ قِبَلِهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِنْ اتَّخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ قُرًى لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَعَظُمَ الْمِصْرُ حَتَّى بَلَغَ تِلْكَ الْقُرَى وَجَاوَزَهَا، فَقَدْ صَارَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمِصْرِ لِإِحَاطَةِ الْمِصْرِ بِجَوَانِبِهَا فَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْقُرَى بِيَعٌ وَكَنَائِسُ قَدِيمَةٌ تُرِكَتْ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُحْدِثُوا فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْقُرَى بِيعَةً، أَوْ كَنِيسَةً، أَوْ بَيْتَ نَارٍ بَعْدَ مَا صَارَتْ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ قَالَ: وَكُلُّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ يُجْمَعُ فِيهِ الْجُمَعُ، وَتُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا ظَاهِرًا فَإِنْ أَدْخَلَ فِيهِ مُسْلِمٌ خَمْرًا، أَوْ خِنْزِيرًا، وَقَالَ: إنَّمَا مَرَرْتُ مُجْتَازًا، وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَلِّلَ الْخَمْرَ، أَوْ قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ لِي، وَإِنَّمَا لِغَيْرِي، وَلَمْ يُخْبِرْ لِمَنْ هِيَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ رَجُلًا مُتَدَيِّنًا لَا يُتَّهَمُ بِذَلِكَ خَلَّى سَبِيلَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّلَ الْخَمْرَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا يُتَّهَمُ بِتَنَاوُلِ ذَلِكَ أُهْرِيقَتْ خَمْرُهُ وَذُبِحَتْ خَنَازِيرُهُ فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ بِأَسْوَاطٍ، وَيَحْبِسَهُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ فَعَلَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا إمَّا الضَّرْبُ، أَوْ الْحَبْسُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الزِّقَّ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ وَلَا أَنْ يَكْسِرَ الْإِنَاءَ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ فَإِنْ خَرَقَ الزِّقَّ، أَوْ كَسَرَ الْإِنَاءَ فَهُوَ ضَامِنٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ فَلَا ضَمَانَ، فَإِنْ أَخَذَ الْإِمَامُ الزِّقَّ وَالدَّابَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الْخَمْرُ، وَبَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَدْخَلَ الْخَمْرَ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا رَدَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِ مَتَاعَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ إنْ عَادَ أَدَّبَهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَالْإِمَامُ لَا يُرِيقُ خَمْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute