للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَتَصَرُّفُ الْمُرْتَدِّ فِي رِدَّتِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ، أَوْجُهٍ (مِنْهَا) مَا يَنْفُذُ فِي قَوْلِهِمْ: نَحْوُ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيلَادِ فَإِذَا جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِوَلَدٍ فَادَّعَى النَّسَبَ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَيَرِثُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ وَرَثَتِهِ، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَنْفُذُ مِنْهُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ (وَمِنْهَا) مَا هُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ نَحْوُ النِّكَاحِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، وَلَا مُرْتَدَّةً وَلَا ذِمِّيَّةً لَا حُرَّةً وَلَا مَمْلُوكَةً، وَتَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ وَصَيْدُهُ بِالْكَلْبِ وَالْبَازِي وَالرَّمْيِ (وَمِنْهَا) مَا هُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْكُلِّ، وَهُوَ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنَّهُ إذَا فَاوَضَ مُسْلِمًا يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِمْ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَتَصِيرُ عِنَانًا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ أَصْلًا (وَمِنْهَا) مَا اخْتَلَفُوا فِي تَوْقِيفِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعْتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَقَبْضُ الدُّيُونِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَوْقُوفَةٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، أَوْ قُضِيَ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَبْطُلُ وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ فِي رِدَّتِهِ نَافِذٌ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ الْمُرْتَدَّ، أَوْ أَمَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الْمُرْتَدُّ إذَا عَادَ تَائِبًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ عَوْدُهُ قَبْلَ حُكْمِ الْقَاضِي بِاللِّحَاقِ بَطَلَ حُكْمُ الرِّدَّةِ فِي مَالِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا، وَلَا يُعْتَقْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمَّهَاتِ، أَوْلَادِهِ وَالْمُدَبَّرِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَكُلُّ مَا وَجَدَهُ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ أَخَذَهُ، أَمَّا مَا أَزَالَهُ الْوَارِثُ عَنْ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَوْ بِسَبَبٍ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ مَاضٍ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَدِّ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَارِثِ أَيْضًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

إذَا وَطِئَ الْمُرْتَدُّ جَارِيَةً نَصْرَانِيَّةً كَانَتْ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ ارْتَدَّ، فَادَّعَاهُ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَهُوَ ابْنُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَرِثَهُ الِابْنُ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ لَحِقَ.

مُرْتَدٌّ لَحِقَ بِمَالِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، فَهُوَ فَيْءٌ وَلَا سَبِيلَ لِوَرَثَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَجَعَ وَذَهَبَ بِمَالِهِ وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا أَنَّهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَبِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ عَبْدٌ فَقَضَى بِهِ لِابْنِهِ، فَكَاتَبَهُ ابْنُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا، فَالْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي جَاءَ مُسْلِمًا كَذَا فِي الْكَافِي بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلِابْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُرْتَدٌّ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ هُوَ حَيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ عِنْدَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كَسْبُ الْإِسْلَامِ، أَوْ كَسْبُ الرِّدَّةِ تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبُ الْإِسْلَامِ وَكَسْبُ الرِّدَّةِ، فَعَلَى قَوْلِهِمَا تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْ الْكَسْبَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُسْتَوْفَى مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>