للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُلْنَا: إنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ عَلَى أَنَّهُ فَقِيرٌ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِنْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ، فَمَنْ كَانَ فَقِيرًا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ تِلْكَ الْغَلَّةَ وَمَنْ افْتَقَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ غَلَّةٍ أُخْرَى فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي أَنَّهُ فَقِيرٌ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَطْلُبُ الْغَلَّةَ وَهُوَ غَنِيٌّ، وَقَالَ: إنَّمَا أَسْتَغْنَيْت بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّة وَقَالَ شُرَكَاؤُهُ: لَا اسْتَغْنَيْت بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ؛ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْقَوْلُ قَوْلُ الشُّرَكَاءِ.

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي قَضَى بِفَقْرِهِ فَجَاءَ يَطْلُبُ الْغَلَّةَ وَهُوَ غَنِيٌّ وَقَالَ: إنَّمَا اسْتَغْنَيْت بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ الْغَلَّةَ وَهُوَ فَقِيرٌ وَقَالَ الشُّرَكَاءُ: إنَّهُ غَنِيٌّ وَأَرَادُوا اسْتِحْلَافَهُ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا هُوَ الْيَوْمَ غِنًى عَنْ الدُّخُولِ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَعَ فُقَرَائِهِمْ وَعَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ غَلَّتِهِ وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى فَقْرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ لَمْ يَدْخُلْ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ، إلَّا أَنْ يُوَقِّتُوا فَقْرَهُ وَكَانَ الْوَقْفُ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا شَهِدَ الْقَرَابَةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي الْوَقْفِ بِالْفَقْرِ لَا يُقْبَلُ إذَا شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ أَغْنِيَاءَ وَشَهِدُوا الرَّجُلَ مِنْ قَرَابَتِهِمْ بِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَجُرُّوا إلَى أَنْفُسِهِمْ مَنْفَعَةً بِشَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ مَضَرَّةً قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَذَكَرَ هُوَ فِي بَابٍ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مُتَّصِلٍ بِهِ، لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ مِمَّنْ صَحَّتْ قَرَابَتُهُمَا لِرَجُلٍ أَنَّهُ مِنْ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ وَفَسَّرُوا قَرَابَتَهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ شَهَادَتُهُمَا فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا فَلِلَّذِي شُهِدَ لَهُ بِقَرَابَةِ الْوَاقِفِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمَا فِيمَا يَصِلُ إلَيْهِمَا مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ وَيُشَارِكُهُمَا فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَجْنَبِيَّانِ بِقَرَابَةِ رَجُلٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَشَهِدَ رَجُلَانِ قَرِيبَانِ بِفَقْرِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ: لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ مِنْ الْقَرَابَةِ أَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الْوَقْفَ فَقَالَ: أَنَا فَقِيرٌ وَإِنَّمَا افْتَقَرْت قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِلْحَالِ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ اسْتَحَقَّ الْغَلَّةَ فَإِنْ قَالُوا: إلْجَاءٌ، وَاتَّهَمَهُ الْقَاضِي بِالتَّلْجِئَةِ لَا يُعْطَى الْآنَ إذَا كَانَ مَا يُلْجِئُهُ تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>