قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ وَهَكَذَا فِي الصُّغْرَى وَالنِّصَابِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاطِ لِنَفْسِهِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حَدَثَ عَلَيَّ الْمَوْتُ وَعَلَيَّ دَيْنٌ يُبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ بِقَضَاءِ مَا عَلَيَّ فَمَا فَضَلَ فَعَلَى سَبِيلِهِ. كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حَدَثَ عَلَى فُلَانٍ الْمَوْتُ يَعْنِي الْوَاقِفَ نَفْسَهُ أُخْرِجَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِثْلُ أَسْهُمٍ تُجْعَلُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ أَوْ فِي كَفَّارَاتِ أَيْمَانِهِ وَفِي كَذَا وَكَذَا وَسَمَّى أَشْيَاءَ، أَوْ قَالَ: أُخْرِجُ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لِيُصْرَفَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَيُصْرَفَ الْبَاقِي كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا سَبَّلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى مَا عِشْت. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَإِذَا مَاتَ تَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى مَا عِشْتُ ثُمَّ بَعْدِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي مِنْ نَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِنْ انْقَرَضُوا فَهِيَ عَلَى الْمَسَاكِينِ. جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ فَإِذَا حَدَثَ بِهِ الْمَوْتُ كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَوْ بَدَأَ بِمَا جَعَلَ لِفُلَانٍ وَأَخَّرَ مَا جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْخَصَّافُ: تَقْدِيمُهُ وَتَأْخِيرُهُ سَوَاءٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَرَطَ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤَكِّلَ مَادَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ كَانَ لِوَلَدِهِ وَكَذَلِكَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا جَازَ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْأَمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَحُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ شَرَطَ بَعْضَ الْغَلَّةِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ حَالَ وَقْفِهِ وَمَنْ يَحْدُثُ مِنْهُنَّ بَعْدُ وَقَسَّطَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ فِي كُلِّ عَامٍ قِسْطًا حَالَ حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَلِكَ إذَا سَمَّى ذَلِكَ لِمُدَبَّرِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ الْغَلَّةَ لِإِمَائِهِ أَوْ لِعَبِيدِهِ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute