وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْطَى بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاقِفِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلِمَنْ جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ أَنْ يُعْطَى وَلَدُهُ وَنَسْلُهُ وَيُعْطَى وَلَدُ الْوَاقِفِ وَنَسْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ نَفْسَهُ وَلَا يُخْرِجَ الْمَشِيئَةَ عَنْ يَدِهِ بِقَوْلِهِ: أَعْطَيْت نَفْسِي فَإِنْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِلْوَاقِفِ بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجِيزُ وَقْفَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِلْوَاقِفِ سَنَةً كَذَا فِي الْحَاوِي بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ الْمَشِيئَةَ إلَى نَفْسِهِ فِي إعْطَاءِ الْغَلَّةِ فَأَعْطَى نَفْسَهُ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ: جَعَلْتهَا لِلْأَغْنِيَاءِ بَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت، فَشَاءَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ بِعَيْنِهِ جَازَتْ مَشِيئَتُهُ وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهَا إلَى جَمِيعِهِمْ جَازَ وَيَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " مَنْ شِئْت " كَلِمَةٌ عَامَّةٌ فَتَعُمُّ الْكُلَّ، وَلَوْ شَاءَ صَرْفَهَا إلَى غَيْرِ بَنِي فُلَانٍ بَطَلَتْ الْمَشِيئَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ أَنْ أُعْطِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَقَدْ أَبْطَلَ مَشِيئَتَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ مَشِيئَتَهُ، وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ وَسَكَتَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَالصَّدَقَةُ لِبَنِي فُلَانٍ، فَإِنْ قَالَ: جَعَلْت الْغَلَّةَ لِابْنِ فُلَانٍ دُونَ إخْوَتِهِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ وَلَهُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَهُمْ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَ بَنِي فُلَانٍ فِي الِاسْتِحْسَانِ، فَإِنْ مَاتَ الَّذِي جَعَلَ الْغَلَّةَ لَهُ فَمَشِيئَتُهُ ثَابِتَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ شَاءَ كُلَّهُمْ بَطَلَتْ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا، وَعِنْدَهُمَا جَازَتْ وَيَكُونُ لِبَنِي فُلَانٍ اسْتِحْسَانًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ عِنْدَهُ وَلِلْبَيَانِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَلَوْ شَاءَ الْوَاقِفُ بَعْضَهُمْ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ شَاءَ غَيْرَ بَنِي فُلَانٍ فَالْمَشِيئَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي بَنِي فُلَانٍ وَنَسْلِهِمْ جَازَتْ مَشِيئَتُهُ فِي بَنِي فُلَانٍ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ شَيْءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُفَضِّلَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ. وَلَوْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ: لَا أَشَاءُ أَوْ مَاتَ كَانَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute