الْأَرْضِ سَبِخَةً لَا تُنْبِتُ فَيُحْتَاجُ إلَى كَسْحِ وَجْهِهَا وَإِصْلَاحِهَا حَتَّى تُنْبِتَ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّةِ جُمْلَةِ الْأَرْضِ بِمُؤْنَةِ إصْلَاحِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّعْمِيرَ يَكُونُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَرَابُ مِنْ صُنْعِ أَحَدٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ: رَجُلٌ آجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً فَجَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ رِوَاقَهَا مَرْبِطًا يَرْبِطُ فِيهَا الدَّوَابَّ وَخَرَّبَهَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا أَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا قَرْيَةً لِيَكْثُرَ أَهْلُهَا وَحُفَّاظُهَا وَيَحْرُثَ فِيهَا الْغَلَّةَ لِحَاجَتِهِ
إلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. وَهَذَا كَالْخَانِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ إذَا اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى خَادِمٍ يَكْسَحُ الْخَانَ وَيَفْتَحُ الْبَابَ وَيَسُدُّهُ فَيُسَلِّمُ الْمُتَوَلِّي بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهِ إلَى رَجُلٍ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ لِيَقُومَ بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَّصِلَةً يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخِيلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا فَيُؤَاجِرَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَعِيدَةً مِنْ بُيُوتِ الْمِصْرِ فَإِنَّ ثَمَّةَ لَا يَكُونُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا يُؤَاجِرَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ غَلَّةُ الْأَرْضِ جَمَاعَةً رَضِيَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَرُمَّهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَبَى الْبَعْضُ، فَمَنْ أَرَادَ الْعِمَارَةَ عَمَّرَ الْمُتَوَلِّي حِصَّتَهُ وَمَنْ أَبَى يُؤَاجِرُ حِصَّتَهُ بِحِصَّتِهِ وَيَصْرِفُ غَلَّتَهَا إلَى الْعِمَارَةِ إلَى أَنْ تَحْصُلَ الْعِمَارَةُ ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَكَذَا فِي الْحَاوِي.
وَذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ حَانُوتٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَهُ قَيِّمٌ بَنَى رَجُلٌ فِي هَذَا الْحَانُوتِ بِنَاءً بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَيِّمِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَمْكَنَهُ رَفْعُ مَا بَنَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ الْقَدِيمِ فَلَهُ رَفْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ مَا بَنَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ الْقَدِيمِ فَلَيْسَ لَهُ رَفْعُهُ وَلَكِنْ يَتَرَبَّصُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مَالُهُ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَأْخُذُهَا إنْ لَمْ يَرْضَ هُوَ بِتَمَلُّكِ الْقَيِّمِ وَالْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ بِبَدَلٍ يَجُوزُ لَكِنْ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ مَبْنِيًّا وَإِلَى قِيمَتِهِ مَنْزُوعًا فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقَلَّ لَا يُجَاوَزُ، ذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا وَقَفَ رَجُلٌ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فُلَانٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَوَصِيفِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُؤَاجِرَهَا أَمَرَهُمْ الْحَاكِمُ بِالتَّهَايُؤِ ثُمَّ مَنْ أَرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute