فَوَجَدَهُ الْأَكَّارُ فِي مَنْزِلِ رَجُلٍ فَأَخَذَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ وَخَاصَمَهُ فَقَالَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: ضَمِنْتُ لَك أَنْ أُعْطِيَك مِائَةً مَنٍّ مِنْ الْقُطْنِ أَيَحِلُّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ يُعْطِي خَوْفًا مِنْ هَتْكِ السِّتْرِ، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ سَرَقَ لَكِنْ أَقَلَّ مِمَّا يُعْطَى. فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَازَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ سُرِقَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَكَّارٌ أَكَلَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَصَالَحَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى شَيْءٍ إنْ وَجَدَ الْمُتَوَلِّي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى أَوْ كَانَ الْأَكَّارُ مُقِرٌّ لَا يَمْلِكُ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَحُطَّ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْأَكَّارُ غَنِيًّا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا جَازَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا عَلَى الْأَكَّارِ غَبْنًا فَاحِشًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ الْوَقْفِ مَالًا مَعْلُومًا كُلَّ سَنَةٍ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ الْوَقْفِ جَازَ وَيُكَلَّفُ الْقَائِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِثْلَهُ وَجَاءَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ عِمَارَةِ الْوَقْفِ وَاسْتِغْلَالِهِ وَرَفْعِ غَلَّاتِهِ وَتَفْرِيقِهَا فِي وُجُوهِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَصِّرَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْوُكَلَاءُ أَوْ الْأُجَرَاءُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ حَتَّى وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَى امْرَأَةٍ وَجَعَلَ لَهَا أَجْرًا مَعْلُومًا مَالًا تُكَلَّفُ الْأَمْثَلُ مَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ عُرْفًا. وَلَوْ نَازَعَ أَهْلُ الْوَقْفِ الْقَيِّمَ وَقَالُوا لِلْحَاكِمِ: إنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَلَا يَعْمَلُ شَيْئًا لَا يُكَلِّفُهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا تَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. .
وَإِنْ حَدَثَ لِلْمُتَوَلِّي أَفَّةٌ مِثْلُ الْجُنُونِ أَوْ الْعَمَى أَوْ الْخَرَسِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ مَعَ ذَلِكَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَالْأَجْرُ قَائِمٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ، فَإِنْ طَعَنَ فِي الْوَالِي طَاعِنٌ لَمْ يُخْرِجْهُ الْقَاضِي مِنْ الْوِلَايَةِ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ فَإِنْ أَخْرَجَهُ قَطَعَ عَنْهُ الْأَجْرَ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ لِقِيَامِهِ، وَإِنْ صَلُحَ مَنْ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي رَدَّ عَلَيْهِ وِلَايَةَ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ رَأَى أَنْ يُدْخِلَ آخَرَ وَيَكُونَ بَعْضُ هَذَا الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ الَّذِي سَمَّى قَلِيلًا ضَيِّقًا فَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أُدْخِلَ مَعَهُ رِزْقًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لَهُ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ مَالًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَكَانَ الْمَالُ الَّذِي سَمَّاهُ الْوَاقِفُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ وَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ بِمَا كَانَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ وَيَجْعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute