المدة الطويلة واليأس من الاجتماع لقادر على إعزاز محمد صلى الله عليه وسلم وإعلاء كلمته وإظهار دينه وأن الإخبار بهذه القصة العجيبة جار مجرى الإخبار عن الغيوب فكانت معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن الله تعالى قال في أول هذه السورة نحن نقص عليك أحسن القصص وقال في آخرها لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب فدل على هذه القصة من أحسن القصص وإن فيها عبرة لمن اعتبرها ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى يعني ما كان هذا القرآن حديثا يفتري ويختلق لأن الذي جاء به من عند الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم لا يصح منه أن يفتريه أو يختلقه لأنه لم يقرأ الكتب ولم يخلط العلماء ثم إنه جاء بهذا القرآن المعجز فدل ذلك على صدقه وأنه ليس بمفتر وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ يعني ولكن كان تصديق الذي بين يديه من الكتب الإلهية المنزلة من السماء من التوراة والإنجيل وفيه إشارة إلى أن هذه القصة وردت على وجه الموافق لما في التوراة من ذكر قصة يوسف وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ يعني أن هذا القرآن المنزل عليك يا محمد تفصيل كل شيء تحتاج إليه من الحلال والحرام والحدود والأحكام والقصص والمواعظ والأمثال وغير ذلك مما يحتاج إليه العباد في أمر دينهم ودنياهم وَهُدىً يعني إلى كل خير وَرَحْمَةً يعني أنزلناه رحمة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لأنهم هم الذين ينتفعون به والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
تم الجزء الثالث من تفسير الخازن ويليه الجزء الرابع وأوله: تفسير سورة الرعد