قالَ يعني موسى للسامري فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ يعني ما دمت حيا أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ يعني لا تخالط أحدا ولا يخالطك أحد فعوقب في الدنيا بعقوبة لا شيء أوحش منها ولا أعظم وذلك أن موسى أمر بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقربوه وحرم عليهم ملاقاته ومكالمته ومبايعته ومواجهته. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا مساس لك ولولدك. فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش والسباع لا يمس أحد وقيل كان إذا مس أحدا. أو مسه أحد حما جميعا فتحامى الناس وتحاموه وكان لا مساس حتى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك وَإِنَّ لَكَ يا سامري مَوْعِداً يعني بعذابك في الآخرة لَنْ تُخْلَفَهُ قرئ بكسر اللام ومعناه لن تغيب عنه ولا مذهب لك عنه بل توافيه يوم القيامة، وقرئ بالفتح أي لن تكذبه ولم يخلفكه الله بل يكافئك على فعلك وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ يعني الذي تزعم الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً يعني دمت عليه مقيما تعبده لَنُحَرِّقَنَّهُ بالنار ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ أي لنذرينه فِي الْيَمِّ يعني في البحر نَسْفاً روي أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم وحرقه في النار ثم ذراه في البحر وقيل معناه لنحرقنه أي لنبردنه فعلى هذا التأويل لم ينقلب لحما ودما فإن ذلك لا يمكن أن يبرد بالمبرد ويمكن أن يقال صار لحما ودما ثم بردت عظامه بالمبرد حتى صارت بحيث يمكن نسفها في البحر فلما فرغ موسى من أمر العجل وإبطال ما ذهب إليه السامري رجع إلى بيان الدين الحق فقال مخاطبا لبني إسرائيل إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ يعني المستحق للعبادة والتعظيم هو الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً يعني وسع علمه كل شيء وقيل يعلم من يعبده.
قوله عز وجل: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ يعني من أخبار ما قَدْ سَبَقَ يعني الأمم الخالية وقيل ما سبق من الأمور وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً وهو القرآن مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ يعني عن القرآن ولم يؤمن به ولم يعمل بما فيه فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً يعني حملا ثقيلا من الإثم خالِدِينَ فِيهِ يعني مقيمين في عذاب الوزر وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا يعني بئس ما حملوا أنفسهم من الإثم يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ قيل هو قرن ينفخ فيه يدعي به الناس للمحشر والمراد بهذه النفخة النفخة الثانية لأنه أتبعه بقوله وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً يعني نحشر المجرمين زرق العيون سود الوجوه وقيل عميا وقيل عطاشا يَتَخافَتُونَ يعني يتشاورون بَيْنَهُمْ ويتكلمون خفية إِنْ لَبِثْتُمْ يعني مكثتم في الدنيا إِلَّا عَشْراً يعني عشر ليال وقيل في القبور وقيل بين النفختين وهو مقدار أربعين سنة وذلك أن العذاب رفع عنهم بين النفختين فاستقصروا مدة لبثهم لهول ما عاينوا فقال الله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ يعني يتشاورون فيما بينهم إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً أي أوفاهم وأعدلهم قولا إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً قصر ذلك في أعينهم في جنب ما استقبلهم من أهوال يوم القيامة وقيل نسوا مقدار لبثهم لشدة ما دهمهم قوله عز وجل وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً.
قال ابن عباس: سأل رجل من ثقيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال كيف تكون الجبال يوم القيامة فأنزل الله تعالى هذه الآية والنسف هو القلع أي يقلعها من أصولها ويجعلها هباء منثورا فَيَذَرُها أي يدع أماكن الجبال من الأرض قاعاً صَفْصَفاً أي أرضا ملساء مستوية لا نبات فيها لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً يعني لا انخفاضا ولا