المسألة الرابعة: عدة الإماء نصف عدة الحرائر فيما له نصف وفي الأقراء قرآن لأنه لا يتنصف قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ينكح العبد اثنتين ويطلق طلقتين وتعتد الأمة بحيضتين وقوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ قال ابن عباس: يعني الولد، وقيل: الحيض والمعنى أنه لا يحل للمرأة كتمان ما خلق الله في رحمها من الحيض أو الحمل لتبطل بذلك الكتمان حق الزوج من الرجعة والولد إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ هذا وعيد شديد لتأكيد تحريم الكتمان وإيجاب أداء الأمانة في الإخبار عما في الرحم من الحيض أو الولد، والمعنى أن هذا من فعل المؤمنات وإن كانت المؤمنة والكافرة فيه سواء، فهو كقولك أدّ حقي إن كنت مؤمنا يعنى أن أداء الحقوق من أفعال المؤمنين وتقول للذي يظلم: إن كنت مؤمنا فلا تظلمني والمعنى ينبغي أن يمنعك إيمانك من الظلم، وفي سبب وعيد النساء بهذا قولان أحدهما أنه لأجل ما يستحقه الزوج من الرجعة. قاله ابن عباس: والثاني أنه لأجل إلحاق الولد بغير أبيه قاله قتادة وقيل: كانت المرأة إذا رغبت في زوجها تقول: إني حائض وإن كانت قد طهرت ليراجعها وإن كانت زاهدة فيه كتمت حيضها وتقول قد طهرت لتفوته فنهاهن الله عن ذلك وأمرن بأداء الأمانة وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ يعني أزواجهن سمي الزوج بعلا لقيامه بأمر زوجته، وأصل البعل السيد والمالك والمعنى وأزواجهن أولى برجعتهن وردهن إليهم في ذلك أي في حال العدة فإذا انقضى وقت العدة فقد بطل حق الرد والرجعة إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً يعني إن أراد الزوج بالرجعة الإصلاح وحسن العشرة لا الإضرار بهن، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يراجعون، ويريدون بذلك الإضرار فنهى الله المؤمنين عن مثل ذلك، وأمرهم بالإصلاح وحسن العشرة بعد الرجعة وَلَهُنَّ يعني وللنساء على الأزواج مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ يعني للأزواج بِالْمَعْرُوفِ وذلك أن حق الزوجية لا يتم إلا إذا كان كل واحد منهما يراعي حق الآخر فيما له، وعليه فيجب على الزوج أن يقوم بجميع حقها، ومصالحها ويجب على الزوجة الانقياد والطاعة له، قال ابن عباس في معنى الآية: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي لأن الله تعالى. قال: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (م) عن جابر أنه ذكر خطبة النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع وقال:
فيها قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانات الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
قوله: «فاتقوا الله في النساء» فيه الحث على الوصية بهن ومراعاة حقوقهن ومعاشرتهن بالمعروف. قوله:
«فإنكم أخذتموهن بأمانات الله» ويروى بأمانة وقوله: «واستحللتم فروجهن بكلمة الله» معناه بإباحة الله والكلمة هي قوله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ وقيل: الكلمة هي قوله فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وقيل: الكلمة هي كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم وقوله: لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه معناه ولا يأذن لأحد أن يتحدث إليهن، وكان من عادة العرب أن يتحدث الرجال مع النساء ولا يرون ذلك عيبا ولا يعدونه ريبة إلى أن نزلت آية الحجاب فنهوا عن ذلك وليس المراد بوطء الفرش نفس الزنا فإن ذلك محرم على كل الوجوه، فلا معنى لاشتراط الكراهة فيه، ولو كان المراد ذلك لم يكن الضرب فيه ضربا غير مبرح إنما كان فيه الحد، والضرب المبرح هو الشديد. وقول: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف يعني بالعدل وفيه وجوب نفقة الزوجة، وكسوتها وذلك ثابت بالإجماع.
وقوله تعالى: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ أي منزلة ورفعة قال ابن عباس: بما ساق إليها من المهر وأنفق عليها من المال. وقيل: إن فضيلة الرجال على النساء بأمور منها العقل والشهادة والميراث والدية وصلاحية الإمامة والقضاء وللرجال أن يتزوج عليها ويتسرى، وليس لها ذلك وبيد الرجل الطلاق فهو قادر على تطليقها وإذا طلقها رجعية فهو قادر على رجعتها وليس شيء من ذلك بيدها وَاللَّهُ عَزِيزٌ أي غالب لا يمتنع عليه شيء