أخرجه الترمذي. وقال قد روي عن عمار من غير طريق موقوفا وهو أصح. وقال ابن عباس: إن عيسى عليه السلام قال لهم: صوموا ثلاثين يوما ثم اسألوا الله ما شئتم يعطيكموه فصاموا فلما فرغوا قالوا يا عيسى إنا لو عملنا عملا لأحد فقضينا عمله لأطعمنا وسألوا المائدة فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعوها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم. وقال سليمان الفارسي: لما سأل الحواريون المائدة لبس عيسى صوفا وبكى وقال: اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء الآية، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين غمامة من فوقها وغمامة من تحتها وهم ينظرون إليها وهي تهوي إليهم منقضّة حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى عليه السلام وقال: اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عقوبة واليهود ينظرون إلى شيء لم ينظروا مثله ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه فقال عيسى عليه السلام ليقم أحسنكم عملا فليكشف عنها ويسمّ الله. فقال شمعون الصفار رأس الحواريين: أنت أولى بذلك منا. فقام عيسى عليه السلام فتوضأ وصلى صلاة طويلة وبكى بكاء كثيرا ثم كشف المنديل عنها وقال بسم الله خير الرازقين، فإذا هو بسمكة مشوية ليس فيها شوك ولا عليها فلوس تسيل من الدسم وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وحولها من ألوان البقول ما خلا الكراث، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون، وعلى الثاني عسل، وعلى الثالث سمن، وعلى الرابع جبن، وعلى الخامس قديد. فقال شمعون: يا روح الله أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الجنة؟ فقال عيسى: ليس شيء مما ترون من طعام الدنيا ولا من طعام الجنة ولكنه شيء اخترعه الله بقدرته العالية. كلوا مما سألتم واشكروا يمددكم ويزدكم من فضله. فقالوا: يا روح الله كن أول من يأكل منها فقال عيسى: معاذ الله أن آكل منها يأكل منها من سألها، فخافوا أن يأكلوا منها فدعا لها أهل الفاقة والمرض والبرص والجذام والمقعدين فقال: كلوا من رزق الله لكم الشفاء ولغيركم البلاء، فأكلوا منها وهم ألف وثلاثمائة رجل وامرأة من فقير ومريض وزمن ومبتلى وصدروا عنها وهم شباع، وإذا السمكة بحالها حين أنزلت ثم طارت المائدة صعودا وهم ينظرون إليها حتى توارت ولم يأكل منها مريض أو زمن أو مبتلى إلا عوفي ولا فقير إلا استغنى. وندم من لم يأكل منها.
وقيل: مكثت أربعين صباحا تنزل ضحى فإذا نزلت اجتمع إليها الأغنياء والفقراء والصغار والكبار والرجال والنساء يأكلون منها ولا تزال منصوبة يؤكل منها حتى يفيء الفيء، فإذا فاء الفيء، طارت وهم ينظرون إليها حتى تتوارى عنهم وكانت تنزل غبا يوما ويوما لا تنزل فأوحى الله عز وجل إلى عيسى عليه السلام اجعل مائدتي ورزقي للفقراء دون الأغنياء فعظم ذلك على الأغنياء حتى شكوا وشككوا الناس فيها وقالوا: ترون المائدة حقا تنزل من السماء، فأوحى الله عز وجل إلى عيسى عليه السلام إني شرطت أن من كفر بعد نزولها عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فقال عيسى عليه السلام عند ذلك «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم» فمسخ الله منهم ثلاثمائة وثلاثين رجلا باتوا ليلتهم مع نسائهم على فرشهم ثم أصبحوا خنازير يسعون في الطرق يأكلون العذرة من الكناسات والحشوش فلما رأى الناس ذلك فزعموا إلى عيسى عليه السلام وبكوا ولما أبصرت الخنزير عيسى عليه السلام بكت وجعلت تطيف به وجعل عيسى عليه السلام يدعوهم بأسمائهم فيشيرون برءوسهم ولا يقدرون على الكلام فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا. وقال كعب: أنزلت المائدة منكوسة تطير بها الملائكة بين السماء والأرض عليها كل شيء إلا اللحم وقال ابن عباس: أنزل على المائدة كل شيء إلا الخبز واللحم. وقال الكلبي: كان عليها خبز بر وبقل. وقال وهب بن منبه: أنزل الله أقرصة من شعير وحيتانا فكان القوم يأكلون ويخرجون ثم يجيء آخرون فيأكلون حتى أكلوا بأجمعهم وفضل. وقال قتادة: كانت تنزل عليهم بكرة وعشيا حيث كانوا كالمن والسلوى لبني إسرائيل. وقال الكلبي ومقاتل: أنزل الله سمكا وخمسة أرغفة فأكلوا منها ما شاء الله والناس ألف ونيف فلما رجعوا إلى قراهم ونشروا الحديث ضحك من لم يشهد منهم وقالوا ويحكم إنما سحر أعينكم فمن أراد الله به خيرا ثبته ومن أراد فتنته رجع إلى كفره فمسخوا خنازير وليس فيهم