حُنَيْنٍ يعني: ونصركم الله في يوم حنين أيضا فأعلم الله سبحانه وتعالى أنه هو الذي يتولى نصر المؤمنين في كل موقف وموطن ومن يتولى الله نصره فلا غالب له وحنين اسم واد قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا. وقال عروة: هو إلى جنب ذي المجاز وكانت قصة حنين على ما نقله الرواة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وقد بقيت عليه أيام من شهر رمضان فخرج إلى حنين لقتال هوازن وثقيف في اثني عشر ألفا عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وألفان من الطلقاء وقال عطاء: كانوا ستة عشر ألفا. وقال الكلبي: كانوا عشرة آلاف وكانوا يومئذ أكثر ما كانوا قط وكان المشركون أربعة آلاف من هوازن وثقيف وكان على هوازن مالك بن عوف النصري وعلى ثقيف كنانة بن عبد ياليل فلما التقى الجمعان قال رجل من الأنصار يقال له سلمة بن سلامة بن رقيش لن نغلب اليوم من قلة فساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه ووكلوا إلى كلمة الرجل. وفي رواية: فلم يرض الله قوله ووكلهم إلى أنفسهم. وذكر ابن الجوزي عن سعيد بن المسيب، أن القائل لذلك أبو بكر الصديق. وحكى ابن جرير الطبري: أن القائل لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناد هذه الكلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بعد لأنه صلى الله عليه وسلم كان في جميع أحواله متوكلا على الله عز وجل لا يلتفت إلى كثرة عدد ولا إلى غيره بل نظره إلى ما يأتي من عند الله عز وجل من النصر والمعونة قالوا: فلما التقى الجمعان اقتتلوا قتالا شديدا فانهزم المشركون وخلوا عن الذراري ثم تنادوا:
يا حماة السواد اذكروا الفضائح. فتراجعوا وانكشف المسلمون. وقال قتادة: ذكر لنا أن الطلقاء انجفلوا يومئذ بالناس فلما انجفل القوم هربوا (ق) عن أبي إسحاق قال: جاء رجل إلى البراء فقال: أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة فقال أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولى ولكنه انطلق أخفاء من النسا وحسر إلى هذا الحي من هوازن وهم قوم رماة فرموهم برقش من نبل كأنها رجل من جراد فانكشفوا فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته فنزل ودعا واستنصر وهو يقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب اللهم نصرك. زاد أبو خيثمة ثم وصفهم. قال البراء:
كنا والله إذا احمر البأس نتقي به وإن الشجاع منا للذي يحاذي به يعني النبي صلى الله عليه وسلم. عن أبي إسحاق قال: قال رجل للبراء بن عازب يا أبا عمارة فررتم يوم حنين قال لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤه حسرا ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم جمع هوازن وبنى نصر فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به فنزل ودعا واستنصر وقال:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ثم صفهم وروى شعبة عن أبي إسحاق قال: قال البراء إن هوازن كانوا قوما رماة ولما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا فأقبل المسلمون على الغنائم فاستقبلونا بالسهام فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفر.
قوله: ولكنه انطلق إخفاء من الناس. الإخفاء: جمع خفيف وهم المسرعون من الناس الذين ليس لهم ما يعوقهم. والحسر: جمع حاسر وهو الذي لا درع عليه يقال إذا رمى القوم بأسرهم إلى جهة واحدة: رمينا رشقا، والرجل من الجراد القطعة الكبيرة منه. وقوله: كنا إذا احمر البأس يعني إذا اشتد الحرب والبأس بالموحدة من تحت الشدة والخوف. وقال الكلبي: كان حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة من المسلمين وانهزم سائر الناس وقال غيره لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ غير عمه العباس بن عبد المطلب وابن عمه أبو سفيان بن الحارث وأيمن بن أم أيمن قتل يوم حنين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أيمن أخو أسامة بن زيد لأمه أمهما بركاة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته (م) عن العباس بن عبد المطلب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن