للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أجَّج نارًا بمِلكِه، فتعدَّت إلى مِلكِ غَيرِه بتَفرِيطِه، ضَمِنَ، لا إنْ طَرأَتْ ريحٌ.

ومَن اضطَجَع في مَسجِدٍ، أو في طَريقٍ،

(ومن أجَّجَ نارًا بملكِه) بأنْ أوقدَ النارَ حتى صارتْ تلتهبُ في دارِه، أو على سطحِه، أو سقى أرضَه لشجرٍ أو زرعٍ بها، أو ليزرَعَها (فتعدَّتْ): ما ذُكِرَ من النارِ والماءِ (إلى مِلكِ غيرِه) أي: الفاعلِ، فأتلَفَ شيئًا (بتفريطِه) بأنْ تركَ النارَ موجَّجَةً، والماءَ مفتوحًا، ونامَ ونحوه؛ لتعدِّيه أو تقصيرِه، كما لو باشرَ إتلافَه (١) (ضمِنَ) ما أتلفَته. قال في "الرعاية": قلتُ: بأنْ كانَ المكانُ مغصوبًا، ضمِنَ مطلقًا، يعني: سواءٌ فرَّطَ، أو أسْرَفَ، أو لا. وجزمَ بمعناه في "الإقناع" (٢).

(لا إنْ طرأَتْ ريحٌ) بعدَ أنْ لمْ تكنْ؛ لعدمِ تفريطِه. قال في "عيون المسائل": لو أجَّجَها (٣) على سطحِ دارٍ، فهبتْ الريحُ، فأطارتِ الشررَ لمْ يضمنْ؛ لأنَّه في مِلكِه، ولم يفرِّطْ. وهبوبُ الريحِ ليسَ من فعلِه

(ومَن اضطجَعَ في مسجدٍ، أو) اضطجعَ، أو قامَ (في طريقٍ) واسعٍ، لا ضيِّقٍ، فعثرَ به حيوانٌ، لمْ يضمنْ تلفَه، ولا نقصَه؛ لأنَّه فعَلَ مباحًا لمْ يتعدَّ به على أحدٍ، في مكانٍ له فيه حقٌّ، أشبَه ما لو فعلَه بملكِه.

ويضمنُ إنْ كان الفعلُ محرَّمًا، كالجلوسِ مع الحيضِ والجنابةِ في المسجدِ، أو مع ضررِ المارَّةِ في الطريقِ. قالَه في "شرح المنتهى".


(١) انظر "فتح وهاب المآرب" (٢/ ٣١٣).
(٢) "الإقناع" (٢/ ٥٩٥)، وانظر "دقائق أولي النهى" (٤/ ١٧٦).
(٣) في الأصل: "أجَّجَها يضمنُ"، وانظر "كشاف القناع" (٩/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>