فالاخلاص لله يجعل الضمائر حية, والقلوب صافية, والاعمال متقنة, فالقوانين والنظم التي يضعها البشر وان كان في استطاعتها ان تفرض على الانسان رقابة خارجية على سلوكه, وتقرر قواعد تحيل المجرمين الى المحاكم بعد تحقيق النيابة ورجال الشرطة, ولكن ليس في استطاعتها ان تهب رجال النيابة العامة او الشرطة او القضاة ذمة ولا تمنحهم مخافة من الله ولا ان تعطي كل العاملين والموظفين مراقبة الله ولا تطهر القضاة من الاغراض والغايات, ولا ان تمنح الاطباء الاخلاص والنزاهة, فان كان في مقدورها واستطاعتها ان توجب الاحالة على الطبيب لتحديد سن الزواج مثلا, او تحديد الجريمة, ولكن ليس في استطاعتها ان تحمله ان يقرر الحقيقة مبتغيا ذلك وجه الله وسيجد اللص والغاش في عمله, والقاتل في تلك الدوائر ممن خلت نفسه من الاخلاص والخوف من الله سبحانه وتعالى مجالا واسعا للتلاعب بالقانون, اما مع الاخلاص والخوف من الله فانك ستجد العدل, والامن, والامانة, والصدق, والوفاء , وانظر كيف فعل الدين بالعرب عندما اعتنقوه بصدق واخلاص ومحبة, فقد نقلهم من الظلم والوحشية, وسفك الدماء, ووأد البنات, وفعل المنكرات, الى التسابق في ميادين الخيرات, واكتساب القربات, ومراقبة خالق الارض والسماوات. وبذلك كانوا ملوكا في الارض, ملوكا في السماء, بعد تلك الهمجية التي كانوا بها احط الامم على الاطلاق, فاذا فرطنا في عبادة ربنا, والاخلاص في اعمالنا عدنا اذل الامم على الاطلاق يطمع فينا كل طامع, ويهزؤ بنا كل قوي,