للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاتخف لاتخش مهما......كنت للرحمن ذاكر (١)

فما اكثر ما تضيق قلوب بعض الناس حتى تكاد تموت من الضيق, وتقسوا حتى تكاد تكون اقسى من الحجارة فهي كالصخر لاتلين, وفي الذكر الحكيم: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (٢) ورضي الله عن الامام الشافعي حيث يقول:

وَلَمّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي ... جَعَلتُ الرَجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلَّما

وانما علاج القلوب الرجوع الى الله وملازمة ذكره وحمده, وشكره, ولعلك تدرك احيانا ان الفطرة تنطمس, فلا يدرك الانسان الصواب, وفي السنة النبوية ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ فَإِنْ زَادَ زَادَتْ فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٣) فاقتراف المعاصي تلو المعاصي والمخالفات تلو المحالفات والانغماس بالملاذات, والتطاول على خلق الله, وترك العبادات والطاعات, كل ذلك ينتهي الى اغفال القلب وتغليفه, وتدبر قول العزيز الحكيم: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (٤) ويقول


(١) - هذان الابيات للعلامة محمد بن محمد المنصور.
(٢) - سورة البقرة الاية (٧٤) .
(٣) - سنن ابن ماجة حديث رقم (٤٢٣٤) .
(٤) - سورة الكهف الاية (٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>